استمر التنزيل بالحوار مع المعارضين من التوراتيين والذين هادوا حاملي أنباء مملكة سليمان ، ورغم التصحيح العقائدي الان البعض منهم لازال متمسك بخرافات المملكة ، لأنها تمثل الفكر العقائدي المرتبط بأركيولوجيا المقدسات ، ولكي يوصل التنزيل حال المصير المخزي للأمم السابقة ، ضرب لهم مثلا عن قوم صالح ، لان أثارهم لازالت قائمة الى القرن السادس الميلادي ، ولقد أرسلنا الى ثمود أخاهم صالح ان عبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون ، بين مؤيد ومعارض ، لما هدد صالح قومه بالعذاب الدنيوي تحدوه وطلبوا منه الاستعجال به ، وهذا من باب تكذيب دعوته ، قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون ، قالوا اطيرنا بك وبمن معك ، الشؤم الذي فينا بسببك وبسبب أتباعك ، قال طائركم شؤمكم عند ربكم بل انتم قوم تفتنون ، فتنتم أنفسكم بهذا الاعتقاد ، تسعة أشخاص من المعارضين لدعوة صالح وبدافع من جهات أخرى تعهدوا بالقضاء عليه وعلى أتباعه ، وكان في المدينة تسع رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، محاولة اغتيال صالح وتباعه ينفذها الأشخاص التسعة بطريق سرية وباتفاق مع بعضهم البعض ، مع تأدية القسم على الكتمان والسرية ، قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله أي الذين امنوا معه ، ثم لنقولن لوليه المطالب بدم صالح ما شهدنا مهلك أهله وأنا لصادقون ، ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ، تلك اسم أشارة الى بيوتهم الخاوية كشاهد للمعتقدين بسليمان على ان ما تعتقدون به ليس بأفضل مما كان يعتقد هؤلاء ، فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان في ذلك لآيات لقوم يعلمون ، يعلمون ، أصبحوا على علم ، ونجينا الذين امنوا وكانوا يتقون
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ{45} قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{46} قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ{47} وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ{48} قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{49} وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{50} فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ{51} فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{52} وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ{53}
مثل أخر كشاهد لهم على آثار التدمير ، التي لازالت بقاياه قائمة الى القرن السادس الميلادي ، ولوط إذا قال لقومه أتأتون الفاحشة وانتم تبصرون،أنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء بل انتم قوم تجهلون ، فما كان جواب قومه إلا ان قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون ، فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرنها من الغابرين ، وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ، قال الحمد لله وسلام على عباده الذي اصطفى الله خيرا مما يشركون
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ{54} أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ{55} فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ{56} فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ{57} وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ{58} قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ{59}
لا تقتصر العبادة الشركية على الأوثان والأصنام فقط ، فالعقائد علم واسع ومتشعب له فروع كثيرة ومختلفة لا يمكن حصرها في هذا الموضوع ، لكن نتطرق الى احد أنواعها ، المرتبط بأركيولوجيا المقدسات التي جعلت لسليمان إلوهية مع الله ، من مساوئ تلك العقيدة أنها ربطت كافة مفاصل الحياة بسليمان ، فالمؤمن بها ، يعتقد ان ما به من رفاهية اقتصادية وازدهار في كافة المجالات نابع عن الإيمان بتلك العقيدة ، ما قام به منظري عقيدة أركيولوجيا المقدسات ، استغلال مسخرات الأرض الزراعية والصناعية والثروة النفطية وأرباح التجارة والاستثمار المالي والنشاطات الأخرى لصالح عقيدتهم ، على اعتقاد ان ما سخره الله لسليمان على الأرض في إقامة مملكته العظيمة هو من استحقاقنا ونحن أحق به من غيرنا ، فأخذ الاعتقاد طابعا رأسمالية استعماريا فرض سيطرته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على كافة الأنشطة الاقتصادية والمالية والاستثمارية في العالم ، وضح الله للتوراتيين وللذين هادوا ان ما فيكم من رفاهية اقتصادية هو بفضل الله وليس بفضل سليمان ، ففي مجال الزراعة ، امن خلق السماوات والأرض وانزل لكم من السماء ماءا فانبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها أأله مع الله بل هم قوم يعدلون ، يعدلون يساوون الله مع سليمان، في مجال الأمن والاستقرار المعيشي بالرواسي وثوابت الحياة ، امن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها انهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أأله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ، لا يعلمون ان المسخرات من الله ، في مجال النجاة من العوارض المهلكة ، امن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلائف الأرض أأله مع الله قليلا ما تذكرون ، في مجال مسخرات الهداية ، امن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أأله مع الله تعالى الله عما يشركون ، يشركون سليمان مع الله ، في مجال الرزق والأمن المعيشي، امن يبدأ الخلق ثم يعيده ، يجدد الإنتاج الزراعي لديمومة الأمن الغذائي ، ومن يرزقكم من السماء والأرض أأله مع الله ، قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ، قل لهم يا محمد لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون ، بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأ نبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ
ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ
بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ{60} أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ
خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ
حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{61} أَمَّن
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ{62} أَمَّن
يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ{63} أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم
مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ
إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{64} قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ{65} بَلِ
ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم
مِّنْهَا عَمِونَ{66}
تعليقات
إرسال تعليق