من الاية 73 – 84 الأعراف
صالح أول رسول يأتي بالدليل المادي لقومه بينما نوح وهود لم يقدما أي دليلا ماديا مجرد تذكير بألاء الله -- وهذا تحول جديد في إطار رسالات الرسل – والى ثمود أخاهم صالحا - قال - يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره -- إذن لديهم عدد من الآلهة يعبدونها من دون لله – قدم صالح لقومه الدليل المادي– قائلا- قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب اليم – بعض الراويات تقول ان الناقة ولدت من صخرة كبيرة طبعا هذا الكلام غير عقلاني – الهدف من اختيار صالح للناقة في مجتمع لا يهتم بتربية الإبل إنما في الزراعة فقط هو لوضع نقطة فصل محورية بين المستكبرين من قومه وبين الله - معتبرا المعتدي عليها معتدي على الله --هذا من ناحية --ومن ناحية أخرى - ترك الناقة حرة في اختيار المراعي مع تخصيص يوما لسقيها سيجعلها عرضة للصوص قوم ثمود وعصابات السلب والنهب التي عاثت في الأرض فسادا -- الملفت للنظر هو ان صالح له مكانة كبيرة في قومه لربما كان احد زعماء قوم ثمود فمن خلال قراءتنا للقران وجدنا ان قومه لم يتجروا على اتهامه بالكذب أو السفاهة كما حصل مع نوح وهود إنما ذهبوا الى المستضعفين من المؤمنين لتكذيبهم –
بين صالح لقومه حدود الناقة مذكرا إياهم - قائلا – واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد عاد يعتبر صالح ثالث رسول حسب التسلسل التاريخي لمن قبله من الرسل - وبوأكم في الأرض أي جعلكم تختارون أفضل الأراضي الصالحة لحياتكم تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون من الجبال بيوتا – قصورا لا تعني البيوت الفخمة – إنما تعني قصر السهل – فالسهل ارض منبسطة ذو مساحته شاسعة لا يمكن زراعتها إلا بعد قصر تلك المساحة وجعلها ضيقة لإرواء مساحة محدودة من الأراضي الزراعية – فالقصر يعني خصم جزء من نهر أو من الأرض – فالمنتجعات السياحية هي أماكن مقصورة من النهر ومن اليابسة – بما ان قوم صالح يقطنون الجبال ويتخذون منها بيوتا إذن هم يعتمدون على مياه الينابيع في الزراعة – فالقصر هو توجيه مياه العيون عبر مجموعة قصور باتجاه السهل لزراعته فاذكروا آلاء الله – ألاء الله تعني كل شيء سخره الله في هذا الكون يتداوله الإنسان لصالح حياته هو من آلاء الله – ولا تعثوا في الأرض مفسدين – قوم ثمود قوم مسرفون بالفساد لصوص عصابات سلب ونهب أكثر مما هي حالة شاذة في المجتمع -- قل الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن امن منهم أتعلمون ان صالح مرسل من ربه – قالوا - إنا بما رسل به مؤمنون – قال المعارضون إنا بما أمنتم به كافرون – وهذا دليل على ان المعارضين لرسالة صالح لم يتجرؤوا على تكذيبه إنما ذهبوا الى المستضعفين من المؤمنين لتكذيبهم - فعقروا الناقة أي ربطوها وقيدوها عن الحركة في مكان خفي وهذه إحدى أساليب سرقة المواشي – عقروا الناقة أي اخفوا أثرها –وقالوا-- يا صالح أتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين – أمهل صالح عاقروا الناقة ثلاثة أيام كفرصة أخيرة للعدول عن استكبارهم -- فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ – فلم يستجيبوا لتحذيره -- فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين – مع بداية العد التنازلي للأيام الثلاثة انسحب صالح عن قومه تاركا إياهم للخزي الدنيوي -- فتولى عنهم وقال يا قوم أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73} وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{74} قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ{75} قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ{76} فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{77} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{78} فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ{79}
يعتبر لواط رابع رسول حسب التسلسل الزمني لمن قبله من الرسل - ولوطا اذ قال لقومه لتاتون الفاحشة – أي فاحشة اللواط ما سبقكم بها أحدا من العالمين – تعتبر فاحشة قوم لوط فاحشة مستحدثة ومستباحة مستشرية بشكل علني وبتأيد مجتمعي كامل – فما هي الفاحشة - أنكم لتاتون الرجال شهوة دون النساء – إذن هي حالة زواج ذكوري شرع لرغبات الفاسدين واكسب الشرعية تلبية لحرياتهم الشخصية --- بل انتم قوم مسرفون – مسرفون أي تمارسون الفاحشة بإسراف أكثر مما هي حالات فردية شاذة في المجتمع -- وما كان جواب قومه إلا ان قالوا أخرجوهم من قريتكم أنهم أناس يتطهرون -- أي اخرجوا لوطا والرافضين للفاحشة من قريتكم أنهم أناس يتطهرون – ما يؤكد لنا على استشراء الفاحشة في قوم لوط الى حد الإسراف هو قول العموم منهم للأقلية أنهم أناس يتطهرون - يتطهرون عن ممارسة الفاحشة - فانجيناه وأهله – أهله ليس أهل بيته إنما الذين امنوا معه إلا إمرته كانت من الغابرين --- وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين – المطر هنا أكيد ليس الماء أو الغرق لو كان كذلك لقال الله ذلك صراحة مثل ما حصل مع قوم نوح وقوم فرعون – ولكن لربما أمطرهم بحمم بركانية أو شهب ونيازك مدمرة
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ{80}
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ
قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{81} وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ
أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ{82}
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ{83}
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُجْرِمِينَ{84}
تعليقات
إرسال تعليق