بني إسرائيل أقدم ذرية في تاريخ البشرية الديني ، ينحدر إسرائيل من ذرية الناجين من غرق قوم نوح ، يعود تاريخ أصولها الى 4000 .ق.م تقريبا ، رغم عمقها التاريخي إلا أنها لم تشكل مجتمعا دينيا يحفظ ثقافة فئة ناجية من كارثة طبيعية ، بسبب الانخراط في مجتمعات اهتمت بالجانب الاقتصادي ، فكلما ظهرت امة جديدة لها نشاط اقتصادي رأسمالي انظموا إليها ، فبدون المال لن تجد لهم أي نشاط مجتمعي ، فالأمم ما بعد نوح ، كقوم عاد وثمود ومدين ولوط كانت أمم اقتصادية رأسمالية اهلكوا بالكوارث الطبيعية ، فكان نصيب بني إسرائيل الأكبر من بينهم ، فلم يظهروا في مجتمع ديني متكامل إلا في مصر، وتحديدا بعد ان أوقف الله آلية التعامل بالدليل المادي في دعوة الأمم ، رغم كل الكوارث التي مرت بها الذرية ، إلا إنها نقلت أنباء جميع الرسل ما قبل التاريخ
طس ، حروف مقطعة تشير الى آيات القران الشفهية التي دونت في كتاب مبين ، وهي إحدى مراحل تدوين القران ، فالكتاب يتكون من مجموعه من الآيات المكتوبة في كتاب على شكل سور لتنفرد كل واحده منها بموضوع متكامل ، معظم السور المكية التي تبدأ بحروف مقطعة نزلت بشكل كامل ، كسورة النمل التي نزلت في القرن السادس الميلادي على بني إسرائيل وطوائفهم ، كالتوراتيين والذين هادوا واليهود والأسباط ، ولا علاقة لها بالتراث المكي ولا بالمشركين العرب ، بدء التنزيل بدعوة عقائدية أخروية لتجريد العقائديين من بني إسرائيل من التراث والمورث الديني، استعدادا لتصحيح عقائدهم المرتبطة بالمصالح الدنيوية والحريات الشخصية ، طس ، تلك آيات القران وكتاب مبين ، هدى وبشرى للمؤمنين ، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة يوقنون ، يوقنون ، بمعنى ان الدين يوم القيامة فمن لم يعمل ليوم القيامة لا دين له ، ان الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون ، يعمهون منغمسون بالأعمال والمصالح الدنيوية لا تفكير لهم بالآخرة ، أولئك لهم سوء العذاب ، وهم في الآخرة هم الأخسرون ، ولكي يوصل الله فكرة الوحي للعقائديين من بني إسرائيل ، قال ، وانك لتلقى القران من لدن حكيم عليم
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ{1} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{3} إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ{4} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ{5} وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ{6}
يعتمد طرح الحدث الديني الغيبي على طبيعة الاعتقاد الذي تحمله كل طائفة ، فمثلا عندما ينقل التنزيل أحداث موسى للقوميين الأسباط يذكر لهم الموقع الجغرافي للحدث ، كالوادي المقدس ، شاطئ ألواد الأيمن ، البقعة المباركة ، الأرض المقدسة ، هذا من باب اهتمام الأسباط بالجغرافية المقدسة ، ففي سورة النمل نجد ان التنزيل نقل أحداث موسى العقائدية فقط ، بعيدا عن الجغرافية المقدسة ، نستدل من هذا على ان السورة نزلت على للتوراتيين والذين هادوا من بني إسرائيل ، بعد انقضاء الأجل المبرم ما بين موسى ورجل مدين ، انفصل بأهله وأغنامه مستقلا عنهم اسريا ، وأثناء مسيره ليلا رأى نارا ، إذا قال موسى لأهله إني أنست نارا ساتيكم منها بخبر ، الخبر الذي يبحث عنه موسى هو تحديد المكان الذي هو فيه ، أو أتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون ، جذوة من النار لأغراض الطهي، فلما جاءها نودي ان بورك من في النار ومن حولها ، حولها المكان المقدس وموسى وسبحان الله رب العالمين ، يا موسى إني أنا الله العزيز الحكيم ، القي عصاك فلما راها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب ، الجان هو اعتقاد موسى ان العصا تحولت الى جان ، لكن الله لم يجعلها كالجان ، يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلين ، تجاوز الله عن سيئات موسى التي اقترفها ما قبل الرسالة ، إلا من ظلم ثم بدل حسنى بعد سوء فاني غفور رحيم ، وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات عقائدية الى فرعون وقومه أنهم كانوا قوم فاسقين ، فلما جاءتهم آياتنا ، كان رأي المعارضين من قوم فرعون ، قالوا هذا سحر مبين ، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{7} فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{9} وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ{10} إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{11} وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ{12} فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ{13} وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ{14}
كلما اهلك الله امة بكارثة ، ترك منها ثلة من المؤمنين ، ليقع على عاتقها نقل أنباء الرسل الى المجتمعات التي أخذت بالنمو السكاني من جديد بعد كل كارثة ، ولما أنهى الله آلية التعامل بالدليل المادي ، أزادت النسبة السكانية للمجتمعات ، فأصبح بني إسرائيل لهم ثقلا سكانيا في كل مكان من الأرض ، فكلما ظهر رسول في مجتمع ما نجد لهم حضور ديني ، فهم من نقل أنباء الرسل والأنبياء ما قبل التاريخ ، كإبراهيم وداوود وسليمان وأيوب ويونس ويوسف الى كافة المجتمعات ، بما ان الأنبياء والرسل ما قبل التاريخ لم تكرس دعواتهم بكتاب منزل من عند الله ، لذا تعرضت أنبائهم الى تأويلات دينية مختلفة حسب ما تتطلبه كل مرحلة من المراحل الدينية ، فما نقله العقائديون عن مملكة سليمان الى القرن السادس الميلادي كان غير واقعي ، ولقد صوروا المملكة على نهضة عمرانية عظيمة لها قصور وصروح شامخة ، علما هي مملكة تسخرية زمنية جنودها بعض الحيوانات والجن ، سخرها الله لسليمان كدليل على ان الله استجاب دعاءه ، في قوله ربي هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، رغم التصحيح العقائدي لمملكة سليمان في تلك الفترة ، إلا ان العقائديين من التوراتيين والذين هادوا لازالوا ، يعتقدون الى يومنا هذا على أنها مملكة واقعية ، حتى أصبحت عقيدة أركيولوجية ينقب عنها في كل جغرافية مقدسة
الأحكام الإدارية لمملكة سليمان عند العقائديين
وكان يعاون سليمان في ملكه أحد عشر وكيلًا، هم رئيس الكهنة ومعه كاهنان، وكاتبان ومسجل، ورئيس الجيش، ورئيس على الوكلاء، وصاحب لملك، ورئيس للبيت، ورئيس للتسخير (1 ملوك 4: 2-6) كما كان له اثنا عشر وكيلًا آخرين، كل وكيل على قسم من الشعب، يجمع من قسمه نفقات شهر لبيت الملك، وكان اثنان من هؤلاء الوكلاء متزوجين من ابنتين لسليمان (1 ملوك 4: 7-19) وقد زاد عدد الشعب في حكمه على الأربعة ملايين، لكنهم كانوا مثقلين بالضرائب.
ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من
عباده المؤمنين ، وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ، فهم
أصوات الطير ، وأوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين ، مملكة سليمان ، مملكة تسخيرية زمنية غير جغرافية قامت على بعض
المخلوقات المسخرة ، وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ، يتدافعون
لأوامره ، حتى إذا أتوا الى واد النمل قالت نملة ، يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم
لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ، فتبسم ضاحكا من قولها ، قول النملة والمخلوقات المسخرة ، دليل لسليمان على ان الله استجاب دعائه ، في
قوله ربي هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من
بعدي ، بعد دليل الملك شكر سليمان ربه ، قائلا ربي أوزعني ، من الوازع أو الدافع ،
ان اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه ، وأدخلني في رحمتك
في عبادي الصالحين
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ
وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى
كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ{15} وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ
وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن
كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ{16} وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ
جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ{17} حَتَّى
إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ
ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ{18} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي
أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ
أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ{19}
تعليقات
إرسال تعليق