من الاية 99 – 135 طه
صحح التنزيل التراث الإسرائيلي وكل من له علاقة عقائدية بإحداث موسى كبني إسرائيل والذين هادو واليهود مسلسلا الأحداث التاريخية ابتدأ من انفصال موسى عن مدين - ونزوله بجانب الطور الأيمن - وكلامه مع ربه عند الوادي المقدس- وتوجهه الى فرعون - وهروبه مع بني إسرائيل انتهاء بتحطيم عجل ألسامري –حمل الإسرائيليون الى القرن السادس الميلادي بداية نزول القران ذكرا تاريخا تراثيا لا عقائديا فلا يعرفون عن موسى غير وعود قومية تدعو الى الأرض المقدسة أو ارض الميعاد بعيدة كل البعد عن ما جاء به موسى كالإيمان بالله واليوم الآخر – فالذكر الذي جاء به القران يختلف تماما عما كان يعتقد به بني إسرائيل – بما ان محمد هو احد أنبياء الذين بعثوا لدعوة بني إسرائيل - قال الله -- كذلك نقص عليك يا محمد إنباء ما قد سبق وقد أتيناك من لدنا ذكرى – ذكرى حقيقة ما جرى لبني إسرائيل وموسى على يد فرعون - بعد تلك الحقيقة - اخذ التنزيل بدعوة بني إسرائيل الى الإيمان باليوم الآخر—قائلا -- ومن اعرض عنه أي عن الذكر الذي جاء به القران بخصوص موسى وبني إسرائيل -- يحمل يوم القيامة وزرا – خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا – يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا –زرقا- الزرق هو المكان ضيق - يتخافتون بينهم – يتساءلون بينهم بصوت منخفض - ان لبثتم إلا عشرا – نحن اعلم بما يقولون اذ يقول أمثالهم طريقة ان لبثتم إلا يوما --
كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً{99} مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً{100} خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً{101} يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً{102} يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً{103} نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً{104}
بعدما دعا الله حاملي تاريخ وتراث موسى الى اليوم الآخر تبادر الى أذهانهم بعض الأسئلة منها الجبال ولاسيما للجبل أحداث مؤثرة في عقيدة بني إسرائيل – الطور جبل – ورفعنا فوقكم الطور – فلما تجلى رب موسى للجبل جعله دكا – فسأل بني إسرائيل النبي عن حال الجبال يوم القيامة -- ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا –قاع ارض صفصف لا ينبت فيها عشب ولا تمتص الماء ارض منبسطة كالخباري الصحراوية -- لا ترى فيها عوجا –التواء- ولا أمتا – أمتا – ارتفاعا أو انخفاضا صلبا - يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا- ونتيجة لغلو بني إسرائيل في دينهم جعلوا لموسى شفاعة أخروية --لأنه كلم الله تكليما – رد الله عليهم - يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من إذن له الرحمن ورضي له قولا – يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحطون به علما - وعنت الوجه --بدا علها أثار القلق - للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما – ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما --
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً{105} فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً{106} لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتاً{107} يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً{108} يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً{109} يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً{110} وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً{111} وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً{112}
عربية القران احد الأسباب التي اعترض عليها بني إسرائيل -- فالذي وطد اللسان العربي هي الحروف العربية- فالقران نزل شفهيا في بداية الدعوة وباللسان العربي ولما اخذ مرحلة جديدة كالتنزيل والكتاب جاء دور الحروف المقطعة التي ذكرها الله في بداية السور لتوطيد اللسان العربي وفي كلا الحالتين سوف تصل المعلومات القرآنية بكل سهولة الى كل من يستخدم اللسان العربي أو الحروف العربية - فالعربية احد منازل القران – وكذلك أنزلناه قرئنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد – صرفنا - أي اشتققنا للوعيد أنواع مختلفة من العبارات - لعلهم يتقون – يتقون - يبعدون أنفسهم عن عذاب الله يوم القيامة -- أو يحدث لهم ذكرى – ذكرى سيئة كالأمم السابقة - فتعالى الله الملك الحق - ولا تعجل يا محمد بالقران لتبليغ بني إسرائيل بالوحي - من قبل ان يقضى إليك وحيه وقل ربي زدني علما -
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً{113} فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً{114}
تكرر حديث الله مع الملائكة وحديث الله مع ادم في معظم سور القران لان كل طائفة أو مله تعتقد بشيء يختلف عن غيرها - فما نقله التراث الإسرائيلي عن بداية الخليقة والذي صور ادم وحواء على إنهما كانا يسكنا الجنة عاريين قبل أتركبهما الخطيئة - فالتبرير المزيف للتعري والإباحية وممارسة الجنس ينطلق من هذه المقولة– (انه عندما لا يرتكب الناس المعاصي فلا يوجدون ما يخشونه) وبناءا عليها أباح التراث الإسرائيلي ممارسة الزنا تحت غطاء ديني من منطلق ان ادم وحواء ارتكبا الخطيئة بسبب ممارستهما للزنا – علما ان حواء هي زوج ادم فلا يوجد بديل عنها – صحح الله التراث الإسرائيلي مبينا لهم ان الله سخط على ادم وزوجه ليس بسبب الزنا إنما بسبب أكلهما من الشجرة –قال الله -- ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما – وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى – فقلنا يا ادم هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجكما من الجنة فتشقى – ان لك لا تجوع فيها ولا تعرى وانك لا تضما فيها ولا تضحى – فوسوس إليه الشيطان قال يا ادم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى –
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً{115} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى{116} فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى{117} إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى{118} وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى{119} فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى{120}
أكثر الأماكن على وجه الأرض ترويجا للتعري والزنا والجنس والإباحية تحت غطاء ديني اعتقادي - هي المنتجعات السياحية وجنة عدن والتي أخذت أكثر الدول إنشاءها على المناطق الساحلية – فجميعها تشبه معصية ادم وحواء في الجنة وفي نفس الوقت هي أماكن للتكفير عن الخطيئة عن الطريق التعميد بالماء والرمال والسباحة على شواطئ المحيطات والبحار – صحح الله الاعتقاد الخاطئ – مبينا لهم ان ادم وزوجه لما أكلا من الشجرة وبدت لهما سواتهما - لا يعني انكشفت لهما عورتهما للاتصال الجنسي – إنما تعبيرا عن اعترافهما بالمعصية – ولكي يكفرا عنها أخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة تعبيرا عن الخلاص منها- رفض الله تلك الطريقة وعلمهما ان التوبة هي السبيل الوحيد للخلاص من المعصية – ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى – قلنا اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى{121} ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى{122} قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى{123}
استمر التنزيل بدعوة بني إسرائيل وحاملي تراث موسى من الذين هادو واليهود الى الإيمان باليوم الآخر – ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا – ضنكا عسر ومشقة - ونحشره يوم القيامة أعمى – قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا – قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى – وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة اشد وبقى – السؤال موجه الى حاملي تراث موسى - أفلم يهد لهم – الم يستكينوا للهداية مما فعله الله بمن قبلهم - أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ان في ذلك لآيات لأولي النهى – النهى – نهى نفسه عن الكفر واخذ بالتحذير على محمل الجد - ولولا كلمة - كلمة العذاب - سبقت من ربك –بتأجيل العذاب الى يوم القيامة - لكان لزاما – لكان لزاما على الله عذابهم - واجل مسمى –اجل وقوعه عند الله
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124} قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً{125} قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى{126} وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى{127} أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى{128} وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى{129}
فاصبر على ما يقولون – من هم - بني إسرائيل رافضي الإيمان باليوم الأخر - وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن أناء الليل وأطراف النهار لعلك ترضى – ولا تمدن عيناك الى ما متعنا به أزواج منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى – وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى – وقالوا – من هم - بني إسرائيل رافضي الإيمان باليوم الأخر- وطالبي من محمد آية من ربه - لولا يأتينا بأية من ربه – أي دليل مادي - أولم تأتهم ما في الصحف الأولى –الم يقص الله عليهم في القران ما في صحف موسى – لو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله - من قبل نزول القران - لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى – ها هو الله أرسل إليكم رسولا يا بني إسرائيل من قبل ان يأتيكم عذاب من عنده – قل لهم يا محمد - كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى{130} وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى{131} وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى{132} وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى{133} وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى{134} قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى{135}
تعليقات
إرسال تعليق