من الاية 77 – 98 طه
استنفذت كافة المحاولات التي كلف الله بها موسى لتخليص بني إسرائيل من تسلط فرعون ولم يبقى سوى حل واحد هو الهروب الجماعي ليلا من اقرب نقطه فاصله بين الصحراء ومصر هو البحر – قال الله -- ولقد أوحينا الى موسى ان اسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا – يبسا - طريق كاليابسة - لا تخاف دركا – يدرككم فرعون – ولا تخشى- تخشى الغرق – ولما سمع فرعون بهروب بني إسرائيل جمع جنوده ولحق بهم – فاتبعهم فرعون بجنوده – فلم ينتبه الى الطريق اليابس الذي شقه موسى فسار هو وجنوده وسط البحر دون ان يشعروا فرجع الماء عليهم - فغشيهم من اليم ما غشيهم –وأضل فرعون قومه وما هدى -- قلنا في موضوع سابق ان الله أضاف كلمة المقدس الى واد طوى لتكون العبارة الواد المقدس طوى- ليكتسب الود القدسية المكانية لان بني إسرائيل سوف يتوجهون إليه بعد الخروج من مصر-- فالطور الأيمن هو المكن الذي ترك موسى أهله عند – أما الوادي المقدس هو مكان النار التي توجه إليها موسى من الطور الأيمن - أما البقعة المباركة هي المكان الذي خلع فيه موسى نعليه ليستمع الى كلام ربه – كما قلنا توجه بني إسرائيل الى الطور الأيمن بعد الخروج من مصر -- قال الله -- يا بني إسرائيل قد أنحيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى – المن والسلوى طيور برية تتجمع حول المياه وفيافي الشجيرات الصحراوية – كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحل عليه غضبي فقد هوى – واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى --
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى{77} فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ{78} وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى{79} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى{80} كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى{81} وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى{82}
المفروض ان يبقى موسى مع بني إسرائيل الى حين الوصول الى الطور الأيمن ثم من بعدها يتوجه للقاء ربه لكنه تركهم في الصحراء مع هارون وأسرع الى لقائه طلبا في رضاه – وما أعجلك عن قومك يا موسى – قال هم أولاء على اثري – على اثري -اي يسرون ورائي متوجهين الى الطور الأيمن - وعجلت إليك ربي لترضى- قال - فانا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم ألسامري – فرجع موسى الى قومه غضبان أسفا –قال يا قوم الم يعدكم ربكم وعدا حسنا – الم يوفي ربكم بوعده بالخلاص من فرعون – أطال عليكم العهد –هل طال عليكم عهد الله فنسيتم ما وعدكم به – أم أردتم ان يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي – قالوا ما خلفنا موعدك بملكما – بما نملكه من زينة – ولكن ألسامري حمل القوم أوزار وخطايا بسبب اقتنائها مما اضطروا الى التخلي عنها فجمعها وصنع لهم عجلا له خوار – ولكنا حملنا أوزار من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى ألسامري - طبعا ألسامري جعل في العجل تجويف يمر من خلاله تيار هواء فيخرج منه صوت كخوار العجل -- فقالوا هذا إلهكم واله موسى فنسي – هو الآخر نسي وعد الله – أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا --
وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى{83} قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى{84} قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ{85} فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي{86} قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ{87} فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ{88} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً{89}
لما رأى هارون ان بني إسرائيل قد فتنوا بالعجل-- قال لهم – ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به - وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري – قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى –قال يا هارون ما منعك اذ رايتهم ضلوا -- ألا تتبعن فعصيت أمري – الم تتبعني يا هارون أم أنت الآخر عصيت أمري – قال يا ابن أم لا تأخذ بلحتي ولا براسي إني خشيت ان تقول فرقت بيني وبين بني إسرائيل ولم ترقب قولي – ترقب قولي – تتمسك بقولي - قال فما خطبك يا سامري – قال بصرت بما لم يبصروا به – وتعني انتبهت الى ما لم ينتبهوا إليه - فقبضت قبضة من اثر الرسول – فاقتبست لهم فكرة شمولية عن اله جديد روجت له عن طريق مآثر رسالة موسى - فنبذتها – أي ألقيتها عليهم - وكذلك سولت لي نفسي – قال فاذهب فان لك في الحياة الدنيا ان تقول لا مساس – لا مساس تعني تمشي وتقول لا علاقة لي بالموضوع هم ضلوا أنفسهم – وان لك موعدا لن تخلفه – يوم القيامة - وانظر الى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه – لنحرقنه أي لنصهرنه لأذابته- ثم لننسفه في اليم نسفا – إنما إلهكم الله الذي لا اله إلا هو وسع كل شيء علما
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ
مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ
فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي{90} قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ
عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى{91} قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ
إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا{92} أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي{93} قَالَ
يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن
تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي{94} قَالَ
فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ{95} قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ
لِي نَفْسِي{96} قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا
مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي
ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ
نَسْفاً{97} إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ
كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً{98}
تعليقات
إرسال تعليق