من الاية 66 – 98 مريم
تذكيرا لما مضى قلنا في سورة مريم ان التنزيل صحح التداخلات التاريخية بين الأنبياء وما نقله التراث النصراني من أحداث غير دقيقة كان يوطد بها أفكاره العقائدية لقرون ما قبل نزول القران-- فمن مساوئ الفكر التراثي ذات الطابع السياسي بشكل عام انه يحاول طمس مرتكزات العقيد الاخروية كالإيمان باليوم الأخر-- واستبدالها بنصوص مغالية في الدين لإعطاء طائفته مكانة عند الله (كالجنة )دون بقية الطوائف الأخرى -- فضمان الجنة صد التراثيون عن العمل الأخروي مما جعل الدين عبارة عن مصالح ومنافع وصراعات سياسية على السلطة والنفوذ – الأمر الذي أدى الى اختفاء عقيدة اليوم الآخر من كافة أفكار الطوائف التراثية -- حاول القران إعادتها الى الفكر التراثي النصرانية بآيات تدعوا الى الإيمان باليوم الآخر
حوار حول اليوم الآخر - قال الله - ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف ابعث حيا – أولا يذكر الإنسان انأ خلقناه من قبل ولم يك شيئا – فوربك لنحشرنهم – أي لنجمعن متبعي التراث - والشياطين – الشياطين –منظري الفكر التراثي - ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا – - جثيا - حال الجاثي على الأرض -- ثم لننزعن –أي لنستخرجن -- من كل شيعة – الشيعة هي الطائفة الأكثر تمسكا بالتراث - ثم لننزعن من كل شيعة أيهم اشد على الرحمن عتيا – فالله اعلم بمن هو أولى بالعذاب من أصحاب المصالح والمنافع الذين يحرضون أتباعهم على إنكار اليوم الآخر-- ثم نحن اعلم بالذين هم أولى بها صليا -- فمن الأفكار المغالية في الدين التي بثها منظري الفكري التراثي بين أتباعهم هي دخول الجنة بدون حساب - رد الله عليهم – قائلا - وان منكم إلا واردها وكان على ربك حتما مقضيا – ثم نجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا –فمنكري اليوم الآخر وضعوا لأنفسهم مقارنة اقتصادية ورفاهية مجتمعية تميزهم عن مؤمني اليوم الآخر - قال الله - وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا –أي منكري اليوم الآخر - للذين امنوا -- مؤمني اليوم الآخر - أي الفريقين خير مقاما – خير مقاما – تعني إيانا أفضل مكانة اجتماعية بين الناس - وأحسن نديا – نديا –أكثر مناداة لحضور المجالس والنوادي والمناسبات – رد الله على تلك المقارنة المجحفة لتحذير ألأثرياء أصحاب المصالح الاقتصادية والنفعية كي لا يكون مصيرهم كمصير أسلافهم من قبل –قائلا- وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا – الأثاث مقتنيات الرفاهية – رئيا – أصحاب رأي وكلمة الفصل في مجتمعاتهم - قل يا محمد للأثرياء أصحاب الرفاهية -- قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب – العذاب الدنيوي -وإما الساعة – العذاب الأخروي - فسيعلمون من هو شر مكانا واضعف جندا – ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا – مردا – مرجع - ترجع إليه البشرية -- وهو اليوم الآخر
وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً{66} أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً{67} فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً{68} ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً{69} ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً{70} وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً{71} ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً{72} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً{73} وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً{74} قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً{75} وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً{76}
وصنع احد منكري اليوم الأخر لنفسه واقع افتراضي أخروي يشابه به واقعه الدنيوي من منطلق ان الآلهة التي أنعمت عليه بالمال والأولاد في الحياة الدنيا ستجعل له نصيبا مماثلا في الآخرة – قال الله - أفرأيت يا محمد الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا – فان كان متأكدا من قوله من خلال اطلاعه على الغيب أو حصوله على عهد من الرحمن – فان الله لن يخلف وعده -- اطلع على الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا – خلاف ذلك سيكون مصيره – كالأتي - كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا – سنجعل له عذابا ممدودا مساويا لطموحه المتكالب على المال والأولاد – ونرثه ما يقول ويأتينا فردا – سنرثه يوم القيامة بلا شك ولكن بشكل مغاير لما صرح به في الدنيا وسيئتنا بمفرده بلا أموال ولا اولاد -- ويأتينا فردا – واتخذوا من دون الله آلهة – الآلهة هم الملائكة بنات الله - ليكنوا لهم عزا – يبغون عندهم العزة في الدنيا والآخرة -- كلا سيكفرون بعبادتهم – كلا سيكفرون يوم القيامة بالطقوس والعبادات التي قدموها لآلهتهم - ويكونون عليهم ضدا –سينقلب عليهم شركائهم - الملائكة بنات الله - فتنقلب عليهم العزة ذلا ومهانة سيكونوا في أسوء حال –
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً{77} أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً{78} كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً{79} وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً{80} وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً{81} كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً{82}
الم تر يا محمد أنا أرسلنا الشياطين – الشياطين هم منظري الفكر الوثني الشركي - على الكافرين أتباعهم من الكافرين - تؤزهم أزا – تؤزهم - أي تدفع بهم – أزا- بشدة الى بلورة الأفكار المناهضة للقران لإيقاف حجم التغير العقائدي الذي طرا على أفكار أهل مكة – فلا تعجل عليهم – يا محمد - إنما نعد لهم عدا – يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا –الوفد هو التنسيق المنتظم في المسير والاستقبال -- ونسوق المجرمين الى جهنم وردا- وردا حال فوضوي غير منسق كتجمع الطيور على الماء --– لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا – لا شفاعة لأحد إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا -- بما ان الله لم يعطي اعهدا بالشفاعة لأحد - إذا لا شفاعة للشافعين يوم القيامة – ولكي يبلور الشيطان عقيدة الشفاعة في الفكر الوثني لأهل مكة اختار لهم شفعاء فقرب الملائكة الى الله مدعيا ان الله صاهر الجن فأنجبوا له البنات – فقالوا الملائكة بنات الله – وقالوا اتخذ الرحمن ولدا – رد الله على أكاذيبهم -- ان كل من في السماوات والأرض آتي الرحمن عبدا – ليس له ولد والجميع سيأتيه عبدا -- لقد أحصاهم وعدهم عدا –وكلهم آتيه يوم القيامة فردا -- ان الذين امنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا – احترام وتقدير – فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا – لدا –يلًّدون بأنفسهم عن الحق – وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحدا أو تسمع لهم ركزا – هل أخبرك احد عن بقايا ركائز ومرتكزات القرون الأولى
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ
تَؤُزُّهُمْ أَزّاً{83} فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ
عَدّاً{84} يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً{85}
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً{86} لَا يَمْلِكُونَ
الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً{87} وَقَالُوا
اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً{88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً{89} تَكَادُ
السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ
هَدّاً{90} أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً{91} وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن
يَتَّخِذَ وَلَداً{92} إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي
الرَّحْمَنِ عَبْداً{93} لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً{94} وَكُلُّهُمْ
آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً{95} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً{96} فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ
بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً{97}
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ
تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً{98}
تعليقات
إرسال تعليق