من الاية 16 – 40 مريم
نقل الفكر التراثي الديني لأهل الكتاب الى صدر الإسلام تحديدا الى القرن السادس الميلادي - أحداث دينية مشوهة بسبب الانشقاق العقائدي الذي طرا على كتاب الإنجيل - والذي شق الحواريين إتباع عيسى ابن مريم الى طوائف متناحرة منها اليهود والنصارى والذين هادوا - فمن الطعون التي مارسها الذين هادوا ضد النصارى في القرن السادس الميلادي -- ادعائهم قتل المسيح عيسى ابن مريم لأنه ابن زنا– وطبعا لتلك الطعون أبعاد سياسية منها استقطاب النصارى الى عقيدة الذين هادوا –هذا من ناحية-- ومن ناحية أخرى للحفاظ على طائفتهم من التأثيرات العقائدية بعد ان أغلت النصرانية بعيسى رسول الله -- الى عيسى ابن الله - ولضبط الحدث التاريخي يجب ان نعرف ان ادعاء الذين هادوا قتلهم للمسيح عيسى ابن مريم يرجع تاريخه الى القرن الثالث الميلادي - ودليلنا – كلمة - قولهم - للحاضر-- إنا قتلنا - للماضي – فالذين هادوا من بني إسرائيل شوهوا عقيدة النصارى بأسلوب التشبيه التاريخي –حيث –قام بعض المتشددين من الرجال والنساء بادوار واقعية شبهت زنى مريم من خلال قصص إما غرامية أو لا أخلاقية فتحمل وتضع ابنا من الزنا -- ولما بلغ مرحلة الشباب ادعى انه رسول لبني إسرائيلي فكذبوه وصلبوه بذريعة ان الله لا يختار رسولا من الزنا - وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ
أعاد القران ترتيب الإحداث بما يتناسب مع القيمة العقائدية للدعوة الإنجيلية وأثرها التاريخي على معتقدات الشعوب التي سبقت ظهور الإسلام
واذكر يا محمد في الكتاب مريم – الكتاب هو القران – بمعنى اعد يا محمد ذكر مريم في القران من جديد غير الذي تذكره الطوائف - مريم أبنت عمران اذ انتبذت – بسبب كرهها لشيء ما في أهلها انتبذت منهم تعني تركتهم واتخذت مكانا شرقيا – فأرادت ان تجعل بينها وبين أهلها حجابا -- فاتخذت من دونهم حجابا-- فرسلنا إليها روحنا – روحنا تعني الروح المكلف بنقل كلام الله الى مريم -- فتحول لها الروح على هيئة بشر -- فتمثل لها بشرا سويا – اعتقدت ان هذا الشخص سيختلي بها لفاحشة -- قالت أني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا – أستجير بالرحمن منك وان كنت تقيا – ولها معنى أخر- أستجير بالرحمن ومنك ان كنت تقيا -- قال إنما إنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا – قالت أنى يكون لي غلاما ولم يمسسني بشر ولم اكو بغيا – قال كذلك -- قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس – بمعنى دليلا ماديا واقعيا - ورحمة منا –ورحمة من الله للمؤمنين - وكان أمرا مقضيا – امرأ قضاه الله كي يحقق من خلاله – الرحمة للمؤمنين
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً{16} فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً{17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً{18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً{19} قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً{20} قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً{21
بشر الرسول مريم بالحمل عند الحجاب الذي توارت به عن أهلها شرقا – فلكرهها للحمل انتبذت بحملها الى مكان ابعد -- فحملته فانتبذت به مكانا قصيا – قصيا هو مكان آخر ابعد من الذي حملت منه – ولما وصلت الى النخلة ظهرت عليها حالات الولادة -- فأجاءها المخاض الى جذع النخلة -- قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا – بقي الرسول يراقب مريم عن بعد ليقدم لها بعض التوجيهات –ولما أكملت وضعها عند جذع النخلة نادها -- فناداها من تحتها – من تحتها اي من مكان أسفل منها انحدار مع الأرض -- إلا تخافي قد جعل ربك تحتك سريا –سريا مجرى ماء أسفل منك انحدارا مع الأرض -- وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا – - الرطب ليس التمر أنما الثمار التي تحتوي على نسبه عالية من الماء كالأجاص والمشمش - جنيا - جاءت من الجني وتعني جمع الثمر- – فالنخلة لا تعني نخلة التمر التي نعرفها - لان الله يتكلم عن نخلة يسقط ثمرها عن طريق الهز أو النخل فالأشجار التي يسقط ثمرها بالاهتزاز تسمى نخلة - أي عن طريق نخلها أو هزها - فكلي واشربي وقري عينا – قري عينا بمولدك - فأما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا
فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً{22} فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً{23} فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً{24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً{25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً{26}
-- فاتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا –فريا أي شيء مختلق تمثلين به علينا انك تحملين طفلا -- – فلما رأوه طفلا حقيقيا ليس فرية –قالوا -- يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا – أي زانية – هارون أخا مريم الحقيقي وليس كما قال المفسرون أخت هارون أخا موسى -- والدليل على ذلك المخاطب لمريم من أهلها - زامن أخيها وأبيها وأمها في وقت واحد –فقال - يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا – نقل التنزيل ما قاله عيسى ابن مريم لقومه في المهد – لاحظ كيف خاطب القران بصيغتي الماضي والحاضر لنقل وقائع الحدث من الماضي الغيبي الى حاضر الدعوة القرآنية - كأن أحداث عيسى ابن مريم وأمه وقعت في فترة نزول القران -- فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا – قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا -- وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا – وبارا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا – انهي الله إلوهية عيسى ابن مريم بقوله في المهد - والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا -- والسلام علي يوم ولدت فعيسى مولد - الله لم يلد ولم يولد – ويوم أموت – عيسى سيموت كباقي الخلق – لكن الله حي لا يموت -- ويوم ابعث حيا – سيحشر عيسى أمام الله كسائر البشرية
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً{27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً{28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً{29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{31} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{32} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً{33}
ذلك عيسى ابن مريم قول الحق – قول الله الحق - الذي فيه يمترون – يمترون - تعني يستبعدون ان تكون تلك هي الحقيقة – فالحقيقة هي-- ما كان لله ان يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا أنما يقول له كن فيكون – وان الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم – فاختلف الأحزاب -الأحزاب الدينية - من بينهم – بين مؤيد ومعارض لحقيقة عيسى ابن مريم – فالأحزاب الدينية أصرت على ان عيسى ابن الله -- فويل للذين كفروا – من الأحزاب - من مشهد يوم عظيم – يوم القيامة - اسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين – وانذرهم يوم الحسرة اذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون انأ نحن نرث الأرض ومن عليها والينا يرجعون
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ{34} مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ
مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن
فَيَكُونُ{35} وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ
مُّسْتَقِيمٌ{36} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ
كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ{37} أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ
يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{38}
وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ
وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{39} إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا
وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ{40}
تعليقات
إرسال تعليق