من الاية 27 – 49 الكهف
في مطلع سورة الكهف حذر الله النبي من إعطاء المجادلين وعدا زمنيا كغد أو بعد غد منتظرا من الوحي أحداث تاريخية جديدة بخصوص أصحاب الكهف والرقيم – قال الله - ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا – إلا ان يشاء الله – إلا أذا أراد الله تنزيل شيئا جديدا بخصوص هذا الأمر – فما عليك يا محمد إلا إتباع الوحي وما انزل إليك في دعوة المجادلين من أصحاب الكهف والرقيم – قال الله - واتل يا محمد على الذين يجادلون بتاريخهم وتراثهم - ما أوحي إليك من كتاب ربك – ما انزله إليك عن أصحاب الكهف والرقيم في كتاب ربك - لا مبدل لكلماته- لن يبدله الله ما انزله في هذا الأمر - ولن تجد من دونه ملتحدا – أي لن تجد ملاذا أمنا غير الله يحيط بك من كل جانب -- وترك يا محمد الزعماء والأغنياء والأسياد وتراثيو اصحب الكهف والرقيم - واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه كان آمره فرطا – أمره مشتت لا ينتفع منه لا في الدنيا ولا في الآخرة – وقل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انأ اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها – سرداق هو حاجز يستخدم لإحاطته المكان - سرادق النار حاجز من نار يحيط بالنار لا يمكن اختراقه -- وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل – المهل معادن ذائبة بفعل الحرارة - يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا – مرتفقا – يرافقهم ليسوء بهم
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً{27} وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً{28} وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً{29}
ان الذين امنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع اجر من أحسن عملا – أولئك لهم جنات تجري عدن من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضر من سندس – سندس نوع من أنواع الحرير – وإستبرق – نوع من القماش له بريق ولمعان -- متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا – يرافقهم ليحسن بهم
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً{30} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً{31}
واضرب لهم مثلا يا محمد– أي للمجادلين من زعماء وأغنياء وأسياد والمنتفعون اجتماعيا واقتصاديا من عقيدة أصحاب الكهف والرقيم – وضرب لهم مثلا رجلين - جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا - كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا – وكان له ثمر – أي بلوغ الثمار مرحلة الجني - فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا واعز نفرا –اعز نفرا أي أكثر أبناءً - ودخل جنته وهو ظالم لنفسه - قال - ما أظن ان تبيد هذه أبدا – أي لا توجد قوه تجرا على إتلافها - وما أظن الساعة قائمة – إنكار للبعث والنشور يعني الكفر بالله - ولئن ردت الى ربي لا جدن خيرا منها منقلبا – على اعتقاد ان الإله الذي فضله في الدنيا سيفضله في الآخرة – قال له صاحبه - وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{37}
-- لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا - لولا دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ان ترن أنا اقل منك مالا وولدا – فعسى ربي ان يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء –كارثة مناخية - فتصبح صعيدا زلقا – ترابا هشا - أو يصبح ماؤها غورا – أي بعيدا عن سطح الأرض - فلن تستطع له طلبا – وأحيط بثمره – أي اتلف الثمر بآفة زراعية أو بتأثيرات مناخية - فأصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا - ولم تكن له فئة ينصرونه من دون لله وما كان منتصرا – كذلك هو حال يوم القيامة - هنالك – أي يوم القيامة - الولاية لله الحق هو خير ثوبا وخيرا عقبا
لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{38} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{39} فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{40} أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{41} وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43} هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{44}
لا يزال التنزيل يدعوا بالأمثلة والبراهين الذين يحملون تراثا دينيا شركيا مكتسبا عن روايات أصحاب الكهف والرقيم - ففي مطلع سورة الكهف قال الله إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها- كما جعل للسماء زينة أيضا- فقال - لقد زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب - زين الله الأرض بما عليها من تضاريس وبحار وانهار وغطاء نباتي مشبها الحياة الدنيا بإحدى مظاهر زينة الأرض إلا وهو النبات كدليل على التغيرات السريعة التي تطرأ على الدنيا - فقال – وضرب لهم يا محمد مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما –مصفرا بعد انتهاء موسومة - تذروه الرياح – تنشره الرياح أينما هبت -- وكان الله على كل شيء مقتدرا – ثم ضرب الله مثل أخر على زينة الحياة الدنيا – فقال - المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا – موقف الزينة الدنيوية من يوم الحشر سواء ان كانت زينة الأرض أو المال والبنون– قال الله - ويوم نسير الجبال – أي تختفي من على وجه الأرض -- وترى الأرض بارزة – أي ظهرت ارض جديدة غير التي نألفها - وحشرناهم – أي عليها - فلم نغادر منهم أحدا - وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مره بل زعمتم لن نجعل لكم موعدا – ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه – مما مكتوب في الكتاب - ويقولون يا ويلنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا بظلم ربك أحدا
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً{45} الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ
أَمَلاً{46} وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً
وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً{47} وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ
صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ
أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً{48} وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى
الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ
هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً{49}
تعليقات
إرسال تعليق