من الاية 97 – 111 الإسراء
كل ديانة ترسم شكل الهداية لإتباعها حسب ما تعتقد به - وكل اعتقاد له جذور تاريخية مستمده من القصص والروايات التي واجهت الأنبياء في مجتمعاتهم– وغالبا ما يطغي على ذلك الاعتقاد طابع التحريف لان الشيطان يعتمد على عامل الزمن في تحريف الدين - فكلما ابتعدت الرسالة عن تاريخ ظهورها تعرضت للتحريف - فالعبادات الوثنية والشركية والظنية أصلها من أحداث عقائدية حقيقية واجهت الأنبياء لكن الشيطان حرفها على النحو التالي – فمثلا -- عبادة النار مستمده من قصة موسى إني أنست نارا لعلي أجد على النار هدى – أو مقتبسة من قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين – أما عبادة العجل فمقتبسه من عبادة عجل بني إسرائيل والسامري – وأما عبادة البقر مقتبسة من قول موسى لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة – وأما عبادة طاووس الملائكة فعباده ظنيه مقتبسه من قصص بداية الخالق كحديث الله مع الملائكة وادم وإبليس – فجميع تلك الاعتقادات هي شيطانية الفكر والاعتقاد - خاليه من أي مظاهر الهداية –فالهداية الحقيقية هي ما يقدمه الله على لسان أنبيائه وما جاءت به الكتب المنزلة - فقط - قال الله -- ومن يهد الله فهو المهتد من يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ومأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا
وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً{97}
معظم الأديان الوثنية والشركية تنكر البعث والنشور الأخروي فالدنيا والدين في معتقدهم عبارة عن طقوس تؤدى في معابد تقدم الشكر والثناء لشركاء مع الله يعتقد كان لهم دورا في الرزق والصحة والأموال والتجارة ونزول الغيث والزراعة والثمار والمحاصيل - لذا هم كفروا بالله واليوم الأخر لما دعاهم الله الى البعث والنشور – فقالوا-- أئذا كنا عظاما ورفاتا إنا لمبعوثون خلقا جديدا – رد الله على منكري البعث والنشور--- قائلا --- أولم يروا ان الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على ان يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه – الموت هو اجل لا ريب فيه - فأبى الظالمون إلا كفورا –
ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً{98} َوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً{99}
قل يا محمد للمشركين من بني إسرائيل لو انتم تملكون خزائن رحمة ربي—خزائن رحمة ربي - تعبر عام عن كل شيء خلقه الله لخدمة البشرية --إذا لأمسكتم – أي امتنعتم خوفا من - خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا – قتورا شحيح في الإنفاق – ذًّكر الله الأسباط القوميين من بني إسرائيل بتاريخهم الديني– قائلا - -- ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فسال بني إسرائيل – بمعنى أسئل يا محمد بني إسرائيل المؤمنين بالقران عن تسع آيات بينات جاء بها موسى لفرعون -- إذا جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا – مسحورا أي واقع تحت تأثير إعمال سحرية خادعة للفكر والبصر – قال موسى لفرعون - لقد علمت ما انزل هؤلاء – أي تسع آيات - إلا رب السماوات والأرض بصائر واني لأظنك يا فرعون مثبورا – مثبورا –بمعنى غير متزن عقليا ولأفعالك عواقب لن تحمد عليها وستدعُ هنالك ثبورا كثيرا
قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً{100} وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً{101} قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً{102}
فأراد ان يستفزهم من الأرض – يستفزهم - أي يخرجهم من الأرض تحت تهديد القتل - فأغرقناه ومن معه جميعا – وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا – لفيفا - جمع الأشياء المبعثرة من أماكن متفرقة - وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا – وقرانا فرقناه – فرقنا جاءت من فرق يفرق تفريق فرقان بمعنى من يستمع الى القران سيجد فرقانا عقائديا بين الحق والباطل – كما جعله الله مفرقا أي لم ينزل جملة واحده -- فأزمنة نزول القران أزمنه متفرقة بين مكة والمدينة وبين الدعوة والجهاد وبين الهجرة والفتح -- لتقرءاه على الناس على مكث – مكث جاء من يمكث ماكث مكوث – يقرأ النبي القران على الناس حيث يمكثون ويمكث - وسيكون التنزيل معه أينما يمكث - لتكتسب الآيات حدثا مكانيا وتاريخيا وعقائديا - ونزلناه تنزيلا – نزلناه تنزيلا - أي جعلنا لكل أية من آيات القران منزله فكرية وعقائدية تكرس المفاهيم في ذهن المستمع له – ضرب الله مثلا للأسباط القوميين من بني إسرائيل لإدراك – قوله -- وقرانا فرقناه -- لينتبهوا الى الفرق بينهم وبين إسلافهم الذين امنوا بدعوة موسى – الكلام موجه الى الأسباط القوميين الذين لا يؤمنون بالقران -- قل امنوا به أو لا تؤمنوا ان الذين أتوا العلم من قبله –يقصد أسلاف الأسباط الذين امنوا بدعوة موسى - أذا تتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا وقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا – ويخرون للأذقان يبكون ويزدهم خشوعا - الكلام موجه الى الأسباط القوميين ممن امن بالقران – قل لهم يا محمد -- ادعوا الله وادعوا الرحمن أياما تدعون فله الأسماء الحسنى – ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا – وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا – ولدا فرية المسيح ابن الله والملائكة بنات الله - ولم يكن له شريك في الملك – أي لم يستعن بأي مخلوق كي يكون معه شريك - ولم يكن له ولي – كمزاعم المشركين فلان ولي الله - ولم يكن له ولي من الذل –أي لمر يمر الله بحاله من الذل كي يحتاج موالين له - وكبره تكبيرا
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم
مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً{103} وَقُلْنَا مِن
بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ
جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً{104} وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً{105} وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ
لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً{106} قُلْ
آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن
قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً{107}
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً{108}
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً{109} قُلِ ادْعُواْ
اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء
الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ
ذَلِكَ سَبِيلاً{110} وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً
وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ
الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً{111}
تعليقات
إرسال تعليق