من الاية 61- 77 الإسراء
نجد ان حديث الله مع الملائكة وإبليس وحديث الله مع إبليس وادم تكرر ذكره في القران بصيغ مختلفة والسبب لان كل ديانة أو طائفة لديها فكره مغايره عن المغزى الحقيقي لتلك القصة – فمعظم الأفكار الشركية والوثنية والطائفية تحاول ربط تراثها الديني مع الملائكة وادم وإبليس لإعطائه صبغة عقائدية لامعة مستمده من بداية الخلق -- ففي سورة الإسراء وضح الله للأسباط للقوميين من بني إسرائيل الذين يسالون عن المسجد الأقصى حقيقة ما دار بين الله وبين الملائكة وإبليس وادم - قال الله - وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا – أولا - استهان إبليس بالمادة التي خلق الله منها ادم – ثانيا - اعتراض إبليس على خلق ادم لان الله استحدث خلقا جديدا بعده فاعتقد ان مكانته قد انتهت عند الله – قال - أريتك هذا الذي كرمت علي - لئن أخرتن الى يوم القيامة لأحتنكن ذريته – لأحتنكن - جاءت من الحنكة محنك – بمعنى ان الشيطان بحنكته سيغوي ذرية ادم لارتكاب المعاصي - ومن ثم سيستحدث لهم طقوس دينية توهمهم على أنها مكفره للخطيئة كي يستمروا على المعاصي الى ما لا نهاية – فيحتنك الضال للخطيئة كمن يربط بهيمة من حنكها كي تنصاع له - إلا قليلا – قال اذهب فمن اتبعك منهم فان جهنم جزائكم جزاء موفور – لطالما ستستخدم يا إبليس الحنكة في إغواء ذرية ادم ففعل ما شأت - واستفز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً{61} قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً{62} قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً{63} وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً{64}
ان عبادي ليس لك عليهم سلطان – سلطان تعني دليلا فكريا أو عقائديا أو تأثير واقعيا - وكفى بربك وكيلا - وربكم الذي يزجي – زج يزجي يدفع الفلك للسير في البحر بتأثيرات مناخية إما الرياح وإما الأمواج - ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله انه كان بكم رحيما – من فضله كالصيد والحلي والنقل - وإذا مسكم الضر في البحر – مسببات الغرق - ضل من تدعون –غاب عن أذهانكم شركائكم مع الله - كالمسيح ابن الله والملائكة بنات الله - إلا إياه – أي إلا الله - فلما نجاكم الى البر - أعرضتم – رجعتم الى الكفر - وكان الإنسان كفورا – فهل أصبحتم في مأمن من العذاب في جانب البر – قال الله - أفأمنتم ان يخسف بكم جانب البر – الخسف هي تغيرات جيولوجية تطرأ على اليابسة كالزلازل والبراكين والانهيارات الطينية - أو يرسل عليكم حاصبا – حاصبا هي الأوبئة والأمراض المعدية القاتلة - ثم لا تجدون لكم وكيلا
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً{65} رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً{66} وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً{67} أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً{68}
أم أمنتم ان يعدكم فيه تارة أخرى –فهل أصبحتم في مأمن في جانب البر - من ان يعيدكم الله مرة أخرى الى البحر - فيرسل عليكم قاصفا من الريح – قاصف من الريح –هي الأعاصير البحرية التي تسقط منها كتل هوائية مصحوبة بكميات من المياه - فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا تبيعا – لا احد من شركائكم مع الله من يتابع ما حل بكم - ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا – يوم ندعو كل أناس بإمامهم- إمام - هو ما يتخذه الناس قدوة في دينهم - فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا -
أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً{69} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً{70} يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً{71}
ومن كان في هذه اعمي – أي في الدنيا أعمى - فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا - تحذير وتهديد للنبي في ان واحد - وان كادوا ليفتنونك – أي المشركين - عن الذي أوحينا إليك – القران - لتفتري علينا غيره – ان تأتي بكلام مخالف للقران ارضاءا لهم - إذا لاتخذوك خليلا - ولولا ان ثبتناك –والتثبيت بالحجج والبراهين القرآنية -- لقد كدت تركن إليهم – تنحاز الى ما يشكون به - شيئا قليلا - إذا لأذقناك – أي لعذبناك - ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا - وان كادوا ليستفزونك – استفزاز بالقتل لتحريك دافع الهرب من الأرض - ليخرجوك منها – أي من مكة - وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا – لن يقيموا بعدك في مكة إلا قليلا لان هلاكهم بات وشيكا – سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا - ولا تجد لسنتنا تحويلا – لن يغير الله سنته في نصر الأنبياء - ولا في هلاك الظالمين
وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى
فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً{72} وَإِن كَادُواْ
لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا
غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ
كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً{74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ
الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً{75}
وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً
لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً{76} سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا
قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً{77}
تعليقات
إرسال تعليق