من الاية 23 – 44 الإسراء
قرئنا في مطلع سورة الإسراء قول الله - وقضينا الى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلون علوا كبيرا –وقلنا ان الاية كانت موجهة للأسباط القوميين من بني إسرائيل الذين لا يعرفون من الدين غير أكاذيب تاريخية منقولة عن موسى وإبراهيم تدعوهم الى ارض الميعاد أو الأرض المقدسة كوازع عقائدي للتكفير عن الخطيئة -- وبدون الأرض لن تغفر الخطايا – ولكن بعد ظهور الإسلام في القرن السادس الميلادي بين الله للذين يسألون عن المسجد الأقصى من بني إسرائيل بان الدين لا علاقة له بالأرض - وان الدين هو الإيمان بالله واليوم الأخر والعمل الصالح - وان ما تعتقدون به على ان الأرض المقدسة أو ارض الميعاد هو معيارا لرضا الله – فذلك اعتقاد خاطئ – لان ما أصاب إسلافكم من سبي وتهجير وقتل قبل الميلاد كان على ارض الميعاد أو الأرض المقدسة - فكيف تكون الأرض هي معيار للرضا والتكفير عن الخطيئة - بين الله لبني إسرائيل بان الدين ليس قضية قومية متعلقة بالأرض إنما الدين وصايا أخروية كالإيمان بالله واليوم الآخر ودنيوية تدعو الى العمل الصالح – مبينا الله لهم حقيقة ما قضي عليهم – قال الله - القضاء الأول - وقضى ربك إلا تعبد إلا إياه وبالوالدين أحسنا والمقصود هنا بر الوالدين عند الكبر - إما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف – أف حالة من التذمر يمر بها ذوي المسن لكثرة متطلباته - ولا تنهرهما أي ولا تصرخ عليهما عند تلبية متطلباتهما - وقل لهما قولا كريما – والقول الكريم هو الكلام الطيب الذي يطلق على مسامع الوالدين تعبيرا عن الانصياع لكل ما يطلبونه – وخفض لهما جناح الذل من الرحمة –تذليل المصاعب إمامهما لتخفيف عنهما حالة الذل التي يعانيان منها - فمن باب الرحمة المتبادلة ارحموا ضعفهما لأنهما كانا رحيمين بك عند الصغر -- وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا - ربكم اعلم بما في نفوسكم ان تكونوا صالحين فانه كان للأوابين غفورا
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً{23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً{24} رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً{25}
القضاء الثاني – وات ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل - حقوق فرضها الله على العباد لمساعدة الشرائح المعدومة - ولكن دعاة الطائفية والوثنية استغلوا اسم الله والإنفاق في سبيله كمصدر لتمويل مشاريعهم النفعية ذات الطابع القومي من خلال جمع الأموال من بني إسرائيل تحت ذريعة ارض الميعاد - ولا تبذر تبذيرا – التبذير هو البذخ في الإنفاق دون وجه حق وغالبا ما يتم ذلك في المناسبات الدينية الوثنية والطائفية التي ينفق عليها أموال طائلة دون معاير اقتصادية وإنسانية كتوزيعها على الفقراء والشرائح الأخرى - فالتبذير في الإنفاق يدعم أيدلوجية طائفية ينظر لها شياطين كرجال دين وسياسيين لإحياء معتقداتهم على الأماكن المقدسة فكل مبذر في تلك المناسبات هو أخا للشياطين -- ان المبذرين كانوا أخوان الشياطين– فمن العواقب الاقتصادية للتبذير هي إنهاك الدخل القومي للفرد بسبب ما ينفقه من أمول في الأماكن للتكفير عن الخطيئة -- لذا يستثمر رجال الدين ومنظري الأفكار الوثنية والطائفية الخطيئة لمنافعهم الاقتصادية – هكذا هو دور الشيطان في استغلال الخطيئة – وكان الشيطان لربه كفورا - وإما تعرضن عنهم – أي تمتنع عن دفع الأموال في تلك المناسبات - ابتغاء رحمة من ربك ترجوها– فكتفي بالقول الميسور -- فقل لهم قولا ميسورا – ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك – هو تعبير عن الشح في الإنفاق على الفقراء من ذو القربى والمسكين وابن السبيل - ولا تبسطها كل البسط فتقع ملوما محسورا –وهو تعبير عن الإنفاق المفرط الذي يخسرك أموالك فتقع في الحسرة واللوم
وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ
تُبَذِّرْ تَبْذِيراً{26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً{27} وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ
ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً
مَّيْسُوراً{28} وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ
تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً{29}
ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر انه كان بعباده خبيرا بصيرا – القضاء الثالث - ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق – إملاق مذلة العوز - نجن نرزقكم وإياهم ان قتلهم كان خطأ كبيرا – القضاء الربع -- ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا – القضاء الخامس -- ولا تقتلوا النفس التي حرمها الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا – وليه أي المطالب بالدم– سلطانا حكما بالقصاص من القاتل - فلا يسرف في القتل - وعلى ولي الدم ان لا يسرف بالقتل غير القاتل - انه كان منصورا
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً{30} وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً{31} وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32} وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً{33}
القضاء السادس -- ولا تقربوا مال اليتم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا – القضاء السابع - وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرا وأحسن تأويلا –القضاء الثامن - ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا – القضاء التاسع --ولا تمشي في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً{34} وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{35} وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً{36} وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً{37} كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً{38}
ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها أخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا – من الازدواجيات العقائدية للفكر الوثني الشركي لأهل مكة أنهم كانوا يكرهون الإناث ويحبون البنين فكانوا يجعلون لله ما يكرهون - حتى قالوا ان الملائكة بنات الله – رد الله عليهم قائلا - أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقلون قولا عظيما – ولقد صرفنا في هذا القران – صرفنا أي سلطان الضوء بشكل مفصل على معتقداتهم التي يفترون بها على الله الكذب وخاصة في قولهم الملائكة بنات الله - ليذكوا وما يزدهم إلا نفورا – النفور عن كلمة الإله الواحد - وعن كل ما يصحح معتقداتهم - قل يا محمد للمشركين لو كان معه آلهة – أي مع الله آلهة أخرى - كما يقولون إذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا – لسعت تلك الآلهة الى رضا الله لا لسخطه – سبحانه عما يقولون علوا كبيرا - تنزه الله عن كل ما يقولون - تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ
رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي
جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً{39} أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ
وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً
عَظِيماً{40} وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا
يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً{41} قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ
إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً{42} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً{43} تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ
وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ
وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً{44}
تعليقات
إرسال تعليق