من الاية 51 – 99 الحجر
الهدف من ذكر حديث الملائكة مع ضيف ابرأهيم هو لإعطاء فكره للمشركين بان الملائكة هم رسل الله وليس بنات الله –قال الله - ونبئهم عن ضيف إبراهيم ضيف إبراهيم من الملائكة - اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال أنا منكم وجلون – وجلون خائفون – قالوا لا توجل – أي لا تخف - أنا نبشرك بغلام عليم – قال أبشرتموني على ان مسني الكبر فبم تبشرون – قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين – قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون – قال فما خطبكم أيها المرسلون – قالوا أرسلنا الى قوم مجرمين إلا آل لوط لمنجوهم أجمعين – آل لوط أي المؤمنون بالله من قوم لوط – إلا امرأته قدرنها من الغابرين – فلما جاء آل لوط المرسلون – قال إنكم قوم منكرون – منكرون غير معرفون – قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون – يمترون - اي يستبعدون العذاب - واتيناك بالحق وإنا لصادقون – الحق هي كلمة العذاب والفصل بينك وبينهم وإنا لصادقون - فاسر بأهلك بقطع من الليل واتبع إدبارهم ولا يلتفت منكم أحدا ومضوا حيث تأمرون –وقضينا إليه ذلك الأمر ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين – وجاء أهل المدينة يستبشرون –يستبشرون لفعل الفاحشة - طبعا امراة لوط هي من أخبرت قومها عن وجود ضيف في بيت لوط -- قال ان هؤلاء ضيفي فلا تفضحون – واتقوا الله ولا تخزون – قالوا الم ننهك عن العالمين – بمعنى لم نطلب منك عدم صد الناس عن ممارسة حرياتهم الجنسية - قال هؤلاء بناتي ان كنتم فأعين – لعمرك -- لسلامتك أنهم لفي سكرتهم يعمهون - فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل – ان في ذلك لآيات للمتوسمين – للمعتبرين من عذاب قوم لوط فأصبح مثلهم وسما على الأرض -- وأنها لبسبيل المقيم –أي طريق دائم لكل من عتا عن أمر ربه -- ان في ذلك لآيات للمؤمنين
وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ{51} إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ{52} قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ{53} قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ{54} قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ{55} قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ{56} قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ{57} قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ{58} إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ{59} إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ{60} فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ{61} قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{62} قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ{63} وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ{64} فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ{65} وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ{66} وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ{67} قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ{68} وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ{69} قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ{70} قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ{71} لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ{72} فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ{73} فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ{74} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ{75} وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ{76} إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ{77}
ظهرت الحضارات على الأرض بعد غرق قوم نوح وتحديدا في خلائف قوم نوح - فالحضارة ليس تقدم علمي أو عمراني يعكس مدى رقي الإنسان عقليا – إنما قمة في التخلف العقلي - والسبب لأن أصحابها سخروا متاع الدنيا كوسائل دفاعية رادعه للأخطار - فلم يأخذوا العبر والدروس مما فعله الله بإسلافهم – إنما وضعوا لأنفسهم تدابير احترازية وأمنية خوفا من ان يصيبهم كما اصب قوم نوح – فالحضارات هي بمثابة تحدي لعظمة الله على مر التاريخ فأصحابها يعلمون ان تكذيب الرسل والكفر بالله له عواقب وخيمة عليهم - {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }يونس14- لذا وضعوا التدابير لكل طارئ أو أسسوا ركائز مختلفة منها عمرانية ومنها اقتصادية ومنها تضاريسية لعلها تنجيهم من الخزي العظيم –فكانوا يتخذون من الجبال بيوتا ومن السهول قصورا – وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا امنين - فلا أمان للماكرين من مكر الله
من أهم الحضارات أصحاب الأيكة - وان كان أصحاب الأيكة لظالمين – أصحاب الأيكة هم قوم شعيب – والأيكة هي الرفاهية والترف على أعلى المستويات التي يمتع بها أصحاب النفوذ المالي والاقتصادي والقبلي من أصحاب النسب الرفيع – فكانت مهمة تلك الشريحتان التصدي لرسالة شعيب - فانتقمنا منهم-- وأنهما – وأنهما جاءت بصيغة المثنى والمقصود بهما الأغنياء وزعماء القبائل – وأنهما - لبامام مبين - لبدليل واضح بما جاء به شعيب - ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين – أصحاب الحجر أنموذج آخر من حضارات الخلائف - والحجر هو المانع الصلب المتحجر من الأحجار كإستراتيجية أمنية لردع الأخطار -- واتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين – فالمانع الصلب الذي اعتمدوا عليه لحماية أنفسهم من سخط الله هو - كانوا ينحتون من الجبال بيوتا امنين – فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون - وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وان الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل – ان ربك هو الخلاق العليم – ولقد آتيناك سبع من المثاني والقران العظيم – سبع من المثاني - تعني سبع كتب مثل القران كتبت مع الكتاب الأصلي -- القران الثاني بالنسبة للأول هو مثاني سبع من المثاني أي سبعة كتب غير الأصلي -لا تمدن عيناك الى ما متعنا أزوجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين – بمعنى يا محمد لا تنظر الى حالة الترف والدعة والرفاهية الاقتصادية التي يتمتع بها الأغنياء من المشركين ولا تحزن عليهم لأنهم لم يؤمنوا بالله - فأصحاب الأيكة والحجر كانوا أكثر منهم رفاهية وأموال فانتقمنا منهم – وخفض جناحك وتواضع للمؤمنين وعش حياتك مع من امن منهم - وقل للمشركين أني أنا النذير المبين – من الأساليب التي اتبعها المشركين لصد دعوة الحق أنهم قسموا أنفسهم الى جماعات فكل مجموعة تتولى مهمتهم معينه للتصدي للقران - يا محمد ان فعله أصحاب الأيكة مع شعيب - هو نفسه ما يفعله المشركين معك - فقد قسموا أنفسهم الى مجاميع وأعضاء تتولى مهمة التصدي للقران -- كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القران عضين – فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون – فأصدع بما تأمر واعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين – الذين جعلوا مع الله آلها آخر فسوف يعلمون - ولقد نعلم انك يضيق بك صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن مع الساجدين – واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ{78} فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ
وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ{79} وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ
الْمُرْسَلِينَ{80} وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ{81}
وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ{82} فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ{83} فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{84}
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ
وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ{85} إِنَّ رَبَّكَ
هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ{86} وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي
وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ{87} لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ
لِلْمُؤْمِنِينَ{88} وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ{89} كَمَا
أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ{90} الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ{91}
فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ{92} عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{93}
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ{94} إِنَّا كَفَيْنَاكَ
الْمُسْتَهْزِئِينَ{95} الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ{96} وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ{97}
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{98} وَاعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{99}
تعليقات
إرسال تعليق