عاد وثمود
من الاية 50 – 68 هود
قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك – وأمم ممن حملنا يكونون شعوبا - سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم – قوم عاد هم خلائف من ذرية ممن حملنا مع نوح ومن الأمم التي متعها الله ثم مسهم منه عذاب اليم – الى عاد أخاهم هود - يعتبر هود ثاني رسول بعد نوح حسب التسلسل الزمني لبعثة الرسل - والى عاد أخاهم هودا – قال - يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ان انتم إلا تفترون – تفترون على الله الكذب بادعائكم وجود آلهة مع الله أو شريكا معه – قال هود لقومه لا أسألكم عليه أجرا –بمعنى ليس لدي أي دوافع مادية ابتغيها من وراء ما جئتكم به - ان اجري إلا على الله الذي فطرني أفلا تعقلون --
وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ{50} يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ{51}
يا قوم استغفروا ربكم وتوبوا إليه من الشرك والظلم يرسل السماء عليكم مدرارا- مدرارا – أي ماءا كثيرا ينزله من السماء – فالماء هو أساس النمو الزراعي والتكاثر الحيواني - فينعكس ذلك اقتصاديا على حياة المجتمعات البدائية التي تعتمد بالدرجة الأولى على الزراعة مما يجعل المنطقة أكثر جاذبه للاستيطان فالزيادة السكانية تساعد على بناء القوة العسكرية -- ويزدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين – قالوا يا هود ما جئتنا ببينة أي دليلا ماديا على صدق رسالتك وما نحن بتاركي آلهتنا وما نحن لك بمؤمنين –بما ان هود ليس لديه دليل مادي - غير قول الله اعبدوا الله ما لكم من اله غيره – لذا اتهم بالجنون من قبل قومه بسبب تسفيهه للآلهة التي يعبدونها – فقالوا - ان نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء – أي أصبتك آلهتنا بسوء - قال هود إني اشهد الله واشهدوا إني برئ مما تشركون – طالما أنكم تعتقدون بان آلهتكم لها وطأة تصيب وتضر من يسفهها -- من دون الله فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ{52} قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ{53} إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{54} مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ{55}
أكد نوح لقومه بان إلهتهم لا تنفع ولا تضر دابة من دواب الأرض – قال - إني توكلت على الله ربي وربكم وما من دابة إلا اخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم – فان كنتم تعتقدون ان آلهتكم تقع الضر بالإنسان فقط - فان ربي اخذ بناصية كل ما دب على وجه الأرض - فان تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم يستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا ان ربي على كل شيء حفيظ – ولما جاء أمرنا أي أمر هلاك قوم عاد - نجينا هودا والذين امنوا معه برحمة منا ونجيتاهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسوله واتبعوا أمر كل جبار عنيد – وتبعوا بهذه الدنيا لعنة ويوم القيامة - إلا ان عاد كفروا ربهم إلا بعدا لعاد قوم هود
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{56} فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ{57} وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ{58} وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ{59} وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ{60}
قوم ثمود هم من ذرية الذين امنوا مع هود – وخلائف قوم عاد - يعتبر صالح ثالث رسول حسب التسلسل الزمني لبعثة الرسل - والى ثمود أخاهم صالح - قال - يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره – اله غيره - ليس معه إلها ولا آلهة أخرى - هو الذي أنشاكم من الأرض أي أقام مدنكم من مكونات الأرض - واستعمركم فيها - علمكم كيف تستغلون ثرواتها وخيراتها لصالح حياتكم - فاستغفروه ثم توبوا إليه ان ربي قريب مجيب – قالوا يا صالح - قد كنت فينا مرجوا قبل هذا – بمعنى كنت ذا مكانة مرموقة في قومنا قبل ان تأتي بهذا الدين - أتنهانا - أتمنعنا - ان نعبد ما يعبد آباؤنا وأننا لفي شك مما تدعونها إليه مريب – قال يا قوم - أريت ان كنت على بينة من ربي واتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله ان عصيته فما تزودوني غير تخسير – أي غير خسارة الدنيا والآخرة - قدم صالح الدليل المادي لقومه ناقة الله - بعض الراويات تقول ان الناقة ولدت من صخرة كبيرة طبعا هذا الكلام غير عقلاني – الهدف من اختيار صالح للناقة هو لان قومه لا يهتمون بتربية الإبل – فآية الناقة أنها تختار طعمها وشربها بتسخير من الله دون تدخل احد في تربيتها – معتبرا الناقة نقطة فصل محورية بين الله وبين المستكبرين من قومه - فمن اعتدى عليها كأنما اعتدى على الله – ابلغ صالح قومه - قائلا - يا قومي هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ{61} قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ{62} قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ{63} وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ{64}
اجتمع المكذبين لرسالة صالح لأخيار شخص منهم يتولى مهمة عقر الناقة - فاختاروا شخصا فأعطوه مسكرا فقام بعقرها {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } فاختيار ذلك الشخص هو بمثابة تحدي لعذاب الله – فعقروها لا تعني قتلوها - إنما حبسوها في مكان خفي ليبعدوها عن الطعام والشراب الذي خصصه الله لها – أمهل صالح قومه ثلاثة أيام للتراجع عن قرار عقر الناقة– فقال - تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب – - وبعد انتهاء مدة الثلاثة أيام لم تظهر عليهم بوادر العدول عن قرار عقر الناقة – فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين امنوا معه برحمة منا- ومن خزي يومئذ ان ربك هو القوي العزيز – واخذ الذين ظلموا الصيحة – الصيحة الصراخ والعويل بسبب الموت المفاجئ الذي اجتاحهم - فأصبحوا في دارهم جاثمين – طبعا قوم ثمود اهلكوا بالوباء فالصيحة والرجفة من الأمراض الوبائية – كان لم يغنوا فيها – كأن لم يكونوا يوما أسيادا ومالكي لتلك الأرض - إلا ان ثمود كفروا بربهم إلا بعدا لثمود
فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ{65} فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ
رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ{66} وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ
فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ{67} كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا
أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ{68}
تعليقات
إرسال تعليق