من الاية 1 – 24 هود
الر- الحروف التي تأتي في بداية بعض السور لها علاقة بأرشفة القران للبدا بعملية ترتيبه ككتاب - لذا لا نجد حروفا في السور القصيرة لأنها نزلت في مرحلة القران – بينما نجدها في السور التي نزلت كاملة في مكة -- أما السور التي نزلت في المدينة نجدها أيضا تبدأ بحروف مقطعه ولكن لا تبدو كاملة لاحتوائها على أحداث مختلفة - نستفهم من هذا ان السورة المدنية تفتح ثم تسجل فيها الأحداث حسب تلك الفترة – فالسورة المدنية الواحدة تحتوى على مجموعه من السور فكل سورة تحتوي على موضوع معين – فمن السور التي نزلت كاملة في مكة سورة هود --الر كتاب أحكمت آياته - أحكمت كلمه شاملة لكل أنواع الإحكام ثم فصلت من لدن حيكم خبير – فصلت بمعنى وسعت المفاهيم بالأمثلة والردود لإحكام المحكم
الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ{1}
فأي كتاب ديني يحمل بين طياته براثن الشرك لا يعتبر محكم إنما مخترق من قبل شياطين الدين ويظهر الإحكام واضحا في سورة هود – بقوله - إلا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير – وان استغفروا ربكم عما اقترفتموه من الشرك ثم توبوا إليه من المعاصي التي شرعت تحت الشريك مع الله يمتعكم في حياتكم ومساكنكم ومجتمعاتكم الى اجل مسمى - فمع المتاع الحسن - يؤتي كل ذي فضل فضله في الدنيا والآخرة - وان تولوا عن عبادة الله - فاني أخاف عليكم عذاب يوم كبير – الي مرجعكم وهو على كل شيء قدير
أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ{2} وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ{3} إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{4}
تعامل الفكر الوثني الشركي لأهل مكة مع الآيات القرآنية ومع النبي بازدواجية - قال الله -إلا أنهم يثنون صدورهم اي يميلون من حالة الاستقامة الى الانثناء ليستخفوا منه أي يتخفوا عن أنظار النبي- إلا حين في بعض الأحيان يستغشون ثيابهم أي يضعونها على وجوههم – يعلم الله ما يسرون وما يعلنون انه عليم بذات الصدور –ولكي يثبت الله للمشركين ان الله يعلم سرهم وعلنهم وانه عليم بذات الصدور- قال الله - وما من دابة في الأرض إلا وعلى الله رزقها علمها أسلوب البقاء كالعيش والتكاثر– دابة يدب دبيب يدبي على الأرض والمقصود الحشرات التي تدبي على الأرض - ويعلم مستقرها أي أماكن استقرارها في فترات السبات السنوي ومستودعها أمكن خزن الغذاء استعدادا للسبات كل في كتاب مبين – كتاب مبين -الاستمرار في عملية إتباع النمط الحياتي القائم بين الاستقرار والاستيداع المبين والواضح والذي ممكن رؤيته من خلال سلوك جمع الغذاء والسبات
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{5} وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ{6}
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء - أي وفرض عرشه على السماوات والأرض وعلى الماء - ليبلوكم أيكم أحسن عملا –ليبلوكم بالدين أيكم أحسن عملا - ولئن قلت للمشركين أنكم لمبعوثون من بعد الموت أي يوم القيامة - ليقلن الذين كفروا ان هذا إلا سحر مبين – بما ان المشركين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر - إذن هم لا يؤمنون بالخزي والعذاب الدنيوي - ولئن أخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة بمعنى لم نستعجل بعذابهم وأخرناه الى فترة أخرى - ليقولن ما يحبسه ما يمنعه عن عذابنا - إلا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم - مصروفا عنهم - لن يتركهم حتى يقضي عليهم - وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون
وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ{7} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ{8}
يصف الله حال الذين يستعجلونه بالعذاب ورد فعلهم إذا ما وقع بهم - من خلال بعض العوارض والكوارث التي يتعرضون لها أثناء مسيرة حياتهم - قائلا –ولئن أذقنا الإنسان رحمة منا أي وسعنا عليه رزقه ثم نزعنها منه – أي سلبها الله منه – حاله يقول - انه ليؤوس كفور – ولئن أذقناه نعماء من بعد ضراء مسته ليقولن- حاله يقول- ذهب السيئات عني انه لفرح فخور – مستثنيا من ذلك إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة واجر كبير – فالمؤمن بالله واليوم الآخر تجده صابرا محتسبا على الضراء والنعماء ابتغاء وجه الله
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ{10} إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ{11}
بعد التهديدات الدنيوية والأخروية التي هدد الله بها المشركين- إلا أنهم لم يعيروا لها اهتماما – متحدين الله بالعذاب- مما انعكس ذلك سلبا على معنويات النبي في الاستمرار بالدعوة – قال الله - فلعلك تارك بعض ما أوحي إليك وضائق به صدرك ان يقولوا لولا انزل عليه كنز أو جاء معه ملك من الملائكة – يا محمد أنت نذير – والله على كل شيء وكيل – يا محمد لم نوكلك على إيمانهم انت مجرد نذير وبشير
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ{12}
في تحدي أخر للدعوة القرآنية - اتهم النبي من قبل المشركين بافتراء القران – أم يقولون افتراه – قل لهم يا محمد انأ بشر مثلكم فاتوا بعشر سور من مثله مفتريات وادعوا أي اجمعوا ما استطعتم من الحلفاء من دون الله ان كنتم صادقين – فان لم يستجيبوا - أكيد هم لن يستجيبوا لأنه من افتراءاتهم على النبي لها أبعاد تضليلية - فان لم يستجيبوا - فاعملوا – فاعلموا أيها المشركون إنما انزل بعلم الله - وليس من افتراءات محمد - وان لا اله هو فهل انتم مسلمون
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{13} فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ{14}
انهي الله جداله مع المشركين - قائلا - من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم إعمالهم فيها حسب ما يرغبون وهم فيها لا يبخسون – لا يبخسون - لا يقصرون بكل ما لديهم من وسائل جسدية وفكرية في استثمار الدنيا لمنافعهم السلطوية ورغباتهم الشخصية – ولكن - أولئك ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{16}
أفمن كان على بينة من ربه - هو شخص ما من بني إسرائيل - ويتلوه - اي يتلو القران شاهد منه - أي شاهد على القران - ما هي الأسباب التي جعلت ذلك الشخص على بينة من ربه –لأن القران نقل آيات كتاب موسى من تلك الفترة الى حاضر الدعوة القرآنية - ومن قبل كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به - فذلك الشخص كان سببا في إيمان البعض من بني إسرائيل - ومن يكفر به من الأحزاب – أي الأحزاب التي انشقت عن كتاب موسى الذي انزل في القران –متمسكة بتراث الآباء الطائفي - فالنار موعده – فلا تكن يا محمد في مرية منه– مرية شكوك في كتاب موسى الذي أنزلناه في القران - انه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون
أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ{17}
انظم الى المشركين فريق معارض للدعوة القرآنية - هم الأحزاب التي انشقت عن كتاب موسى الذي جاء به القران والذي يتعارض مع المصالح الطائفية لرجال الدين – فكتاب موسى الذي نقلت الأجيال غير محكم عقائديا لكثرة الافتراءات التي سطرت فيه – ولقد احكم الله كتاب موسى المنزل في القران - قائلا - ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا - بعد تصحيح كتاب موسى في القران -أولئك يعرضون على ربهم – ويقول الأشهاد يوم القيامة أي الذين شهدوا من بني إسرائيل على صدق القران - بمعنى سيشهدون على أتباعهم يوم القيامة - ويقولون - هؤلاء الذين كذبوا على ربهم إلا لعنة الله على الظالمين – الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ{18} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{19}
أولئك أي المشركين وأحزاب بني إسرائيل - لم يكونوا معزين في الأرض – أي لا يعجزون على الله - وما كان لهم من دون الله أولياء – وما كان لهم من دون الله أولياء يمنعونه عن هلالكم – يضاعف لهم العذاب وما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون – أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم – غاب عنهم ما كانوا يفترون – يفترون على ان الله له أولياء وشركاء مما خلق لهم كرامة عنده تمنعه من إيقاع الأذى بالأحزاب والمشركين - لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون
أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ{20} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{21} لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ{22}
ان الذين امنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الى بهم – اخبتوا - هدؤوا واستكانوا الى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون – مثل الفريقين – أي الكفار كالأعمى والأصم - والمؤمنين - كالبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى
رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{23} مَثَلُ
الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ
يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ{24}
تعليقات
إرسال تعليق