من الاية 94 – 109 يونس
تطرق القران في سورة يونس الى العديد من الأمم التي أصابها الخزي الدنيوي ابتداء من قوم نوح وانتهاء بفرعون - إلا ان المشركين لم يعيروا لها اهتماما كما لم يأخذوا منها العبر لمستقبلهم - ولما رأى النبي ان الآيات لم تأتي بتأثير عقائدي على المشركين أصابه الشك في هلاك الأمم التي سبقت – قال الله - فان كنت يا محمد في شك مما أنزلنا إليك - فيما يخص الأمم التي سبقت - فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك– المقصود ليس الكتب التي سبقت القران - إنما المقصود هو الأشخاص الذين يقرؤن الكتاب أي القران من قبلك من أهل الكتاب ممن لديهم علم عن أخبار الأمم الغابرة التي نقلها تراثهم الديني والتي جاءت مطابقة للقران - لقد جاء الحق من ربك– أي حقيقة ما دمرنا من قبل - فلا تكن من الممترين – ممتر- غير مقتنع - فالله حذر النبي من الوصل الى مرحلة تكذيب آيات الله - ولا تكن يا محمد من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين –فالإيمان بالله هي إرادة الله وليس إرادتك - ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون -- ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم – ضرب الله مثلا للنبي عن قوم يونس كحقيقة مغايره لإزالة الشك في هلاك الأمم الغابرة – قائلا - لو كانت قرية أمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين
فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{94} وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ{95} إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ{96} وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ{97} فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ{98}
لما رأى النبي عدم استجابة المشركين للإيمان رغم كل النذر والتحذيرات - اتبع أسلوب الإكراه أو الإلحاح على الناس لإرغامهم على الإيمان– أكد الله لنبيه ان الإيمان من إرادتي وليس من إرادتك - قال الله - ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا فأنت تكره الناس حتى يكنوا مؤمنين – ولكي ينتهي النبي عن أسلوب الإكراه – قال الله - وما كان لنفس ان تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون – لا يعقلون – أي لا يتبعون ما هو عقلاني من الآيات لتمسكهم بمورث أبائهم الديني -
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ{99} وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ{100}
أيقن النبي بهلاك الأمم الغابرة كما أيقن ان الإيمان من إرادة الله -- قل يا محمد للمشركين انظروا ماذا في السماوات والأرض -- وما تغني الآيات والنذر –وما تنفع الآيات والنذر عندما يحل عذاب الله في قوم لا يؤمنون – فهل ينظرون إلا مثل أيام الذين خلو - قوم نوح وعاد وهود وصالح وفرعون - قل يا محمد فانتظروا إني معكم من المنتظرين –المنتظرين – أي منتظر عذابكم فإذا وقع - ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين
قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ{101} فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ{102} ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ{103}
علم الله نبيه قاعدة الدين الحنيف من خلال مخاطبة الناس –قائلا - قل يا محمد للناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الذي يتوفاكم - يتوفاكم في منامكم – ويتوفاكم عند انقضاء آجالكم وأمرت ان اكو من المؤمنين - وان أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكن من المشركين – ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك إذا من الظالمين
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِنْ أَعْبُدُ اللّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{104} وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{105} وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ{106}
من قواعد الدين الحنيف - وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو - وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم – خاطب محمد الناس بقول ربه - قائلا – قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل – بمعنى - يا محمد أنت ليس موكل على هدايتكم - الله هو الوكيل بهم – بما انك يا محمد غير موكل على هداية احد - ما عليك إلا الالتزام بما يوحى إليك -- وان اتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين
وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ
فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ
يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{107} قُلْ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى
فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا
أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ{108} وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ
حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ{109}
تعليقات
إرسال تعليق