من الاية 45 – 64 يونس
يصف الله حال المكذبين للقران المتهمين النبي بافترائه والمعرضين عن آيات الله بسمعهم وأبصارهم - قائلا - ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون – وهذا القول كناية عن عدم رغبتهم بسماع قول الحق – ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي ألعمي لو كانوا لا يبصرون – لا يبصرون آيات الخالق - أذان أفئدة الإنسان وإرادته هي من تحد الرغبة أو عدم الرغبة بقبول الحق - ففي هذه الحالة سيكون الإنسان مخيرا بين الحق وبين الباطل وليس مسيرا الى جهة محدده – وبهذا المفهوم - ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن أنفسهم يظلمون – يصف الله حال الذين صرفوا سمعهم وأبصارهم عن آيات الله يوم القيامة -- ويوم يحشرهم كان لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم – لصعوبة يوم الحشر على الكفار يشعرون كأن الدنيا الواسعة ساعة من نهار تعرف بعضهم على بعض وانتهى الأمر - قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين – وأما نرينك بعض الذي نعدهم – نعدهم بالعذاب الدنيوي المخزي – أو نتوفينك – نقضي أجلك – بمعنى أما سنقضي على المشركين لنخلصك منهم - أو نتوفينك لتستريح منهم - ولكن في النهاية إلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ{45} وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ{46}
في يوم الحشر تجمع الأمم - أولا - ثم يأتي الله بالرسل - ثانيا- فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون – ويقولون – أي المشركين مستفهمين عن وقت الحشر - متى هذا الوعد ان كنتم صادقين – مراد المشركين من محمد تحديد زمن وقوع الحشر ان كان صادقا – قل لهم يا محمد – في يوم الحشر لا املك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله – ولكن من المؤكد - لكل امة وقت محدد لا يعلمه إلا الله - فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون -
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{47} وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{48} قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ{49}
بعد ان بين الله ماهية الحشر الأخروي ينتقل الى العذاب الدنيوي – قائلا - قل لهم يا محمد - ارايتم ان أتاكم عذابه بياتا – أثناء المبيت ليلا - أو نهارا – في وضح النهار - ماذا يستعجل منه المجرمون – ما هي الإجراءات المستعجلة التي سيتخذها المجرمون للتخلص من العذاب بعدما كانوا يستعجلون به -- أثم إذا ما وقع أمنتم به - أي أمنتم بالعذاب واقعيا – الان - تطلبون الخلاص - بعد فوات الأوان وقد كنتم به تستعجلون-- ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون– ويستنبؤنك أحق هو – أي يسألون عن أنباء العذاب الدنيوي هل هو حقيقي – قل يا محمد - أي وربي انه لحق وما انتم بمعجزين – أي لا تعجزون على الله
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ{50} أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ{51} ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ{52} وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ{53}
ما من امة أصابها الخزي في الحياة الدنيا إلا يوم القيامة سترد الى اشد العذاب – يصف الله حال المشركين الذين أصابهم الخزي في الدنيا واقع حالهم يوم القيامة – قائلا - ولو ان كل نفس ظلمت ما في الأرض – نفس ظلمت - أي جعلت مع الله اله أخر في الأرض - لافتدت به – لقدمت ذلك الإله فداء أو فدية مقابل الخلاص من العذاب – ولكن الأوزار لا يحملها إلا صاحبها - واسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون - إلا ان لله ما في السموات والأرض - إلا ان وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون - هو يحي ويميت واليه ترجعون
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{54} أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{55} هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{56}
خطاب موجه الى الناس جميعا – يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم – أي نصيحة من ربكم - وشفاء لما في الصدور – الشفاء ليس من الأمراض إنما من الأغلال والقيود والأثقال التي فرضها المشركين على الناس تحت عقيدة الأوثان روح الله – الهداية والرحمة هما من مشفيات الصدور - وهدى ورحمة للمؤمنين – قل لهم يا محمد -- بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا – فليفرحوا بالرحمة والهداية التي ستنجيهم من نار جهم --هو خير مما يجمعون – يجمعون من ومكاسب مادية ومنافع شخصية فانية
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{57} قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{58}
من مشفيات الصدور رفع الأغلال والقيود التي فرضها المشاركين على الأطعمة والأرزاق التي جعلوا منها حرما وحلالا افتراء على الله – قل لهم يا محمد ارايتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا – قل - الله إذن لكم أم على الله تفترون – أكيد هم يفترون لان ليس لديهم دليلا على ما يقولون مجرد ظن - وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة – ان الله لذو فضل على الناس - فضل الله على الناس انه احل لهم الأطعمة والأرزاق ليأكلوا منها دون محرم – ولكن أكثر الناس لا يشكرون – لا يجازون الله بالشكر على نعمه
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ{59} وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ{60}
وما تكون في شان – شان - شؤون الدنيا المختلفة التي يمسي ويصبح الناس عليها فالشؤون تتغير حسب ما يواجهه الناس خلال اليوم -- وما تتلو منه من قران ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهود اذ تفيضون فيه – تفيضون فيه - تكثرون من الأعمال الصالحة أثناء الشؤون اليومية - وما يعزب – يعزب ينفرد بعيدا - عازب أعزب عزاب –وما يعزب وما ينفرد بعيدا - عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر إلا في كتاب مبين – إلا ان أولياء الله – أولياء الله هم المؤمنون الذين يتقون الله في أعمالهم المختلفة خلال الشؤون اليومية - لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون – لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا
تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا
عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن
مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ
وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ{61} أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ{63}
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ
لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{64}
تعليقات
إرسال تعليق