- من الاية 25 – 44 يونس
- -- ضرب الله لنا أمثلة متنوعة عن الذين يستعجلون النبي بالعذاب الدنيوي – منها التقلبات العقائدية التي يتقلب فيها الإنسان بين الضراء والرحمة – قائلا- هو الذي يسيركم في البر والبحر عن طريق وسائل النقل المختلفة – فمن وسائل النقل المقلقة للمسافر الفلك - حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ريح طيبة هادئة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم – بمعنى أوشكوا على الهلاك - دعوا الله مخلصين له الدين –
- أما وضع المجتمعات المتكاملة --- حتى إذا أخذت الأرض زخرفها بمعنى أصبحت الأرض جاذبة للسكان لكونها توفر الأمن الغذائي للإنسان والحيوان - مما يرافق ذلك نموا سكانيا ينعكس على التقدم العمراني فتشيد الأبنية والأسواق والقصور المزينة بمختلف أنواع الفنون والزخرفة والنقوش والألوان- وظن أهلها أنهم قادرون عليها – أي على الدنيا - بمعنى مسيطرين عليها لأنهم اخذوا كافة الاحتياطات الطارئة للمؤثرات المناخية والكوارث الطبيعية والحروب - فاعتقدوا بان لا قوة على الأرض تدمرها – أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلنها حصيد
- إذن الدنيا ليس فيها سلام ولا أمن ولا استقرار فالكوارث الطبيعية تصيب كافة المجتمعات سواء ان كانت مؤمنة أم كافرة - والله يدعوا الى دار السلام – دار السلام دار الآخرة دار الجنة فالجنة هي المكان الآمن لجميع الأحياء لأنها توفر الأمن الغذائي والاستقرار الحياتي المجاني دون تعب أو مشقة -- ويهدي من يشاء -- أي من شاءت نفسه الهداية الى صراط مستقيم
- وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{25}
- هل دار السلام في الآخرة ستكون مفتوحة لكل من هب ودب أم لها شروط - نقرا -- للذين أحسنوا الحسنى - أحسنوا في تطبيق الحسنى التي أمر الله بها فالحسنى أعلى مرتبة من الإحسان - وزيادة - فوق الحسنى زيادة من المحاسن لم يوصي بها الله إنما أزادوها ابتغاء وجهه -- لا يرهق وجوههم – لا تظهر على وجههم – قتر- قتر تعني اسوداد لصعوبة الموقف – ولأذلة – بمعنى لا قهر ولا حسرة - أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
- لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{26}
- والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة مثلها – فالسيئة لا تجزى إلا بسيئة مثلها -- وترهقهم ذلة - قهر وحسرة – مالهم من الله من عاصم – لا عاصم من العذاب اليوم – كأنما أغشيت - أي غطت وجوهم قطعا من الليل مظلما اسوداد على الوجه لصعوبة الموقف – أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
- وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{27}
- ما هي المفاجئة التي سيوجهها المشركون يوم القيامة والتي ستجعل على وجههم القتر والذلة والحسرة – قال الله - ويوم نحشرهم جميعا أي الذين كسبوا السيئات من جراء العبادات الشركية - ثم نقول للذين أشركوا مكانكم انتم وشركائكم - فزيلنا بينهم – زيلنا - أي فصلنا بينهم –فالفصل سيتم عن طريق كشف زيف العبادات الشركية -- وقال شركائهم ما كنتم إيانا تعبدون – بمعنى ان الشركاء انكوا عبادة المشركين لهم – جاعلين الله شهيدا بينهم -- فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم ان كنا عن عبادتكم غافلين – غافلين أي لا علم لنا بها -- هنالك أي يوم القيامة - تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا الى الله مولاهم الحق وضل عنهم – ضل عنهم - أي غاب عنهم- ما كانوا يفترون
- وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ{28} فَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ{29}هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{30}
- بعد ان وضح الله طريقة الفصل الأخروي بين المشركين وشركائهم وغياب كافة المفتريات الدنيوية التي كانوا يحملونها عن شركائهم –فصل الله أيضا ارتباط الشركاء بالمؤثرات الدنيوية - كالحياتية والمعيشية للإنسان – اسألهم يا محمد- قل من يرزقكم من السماء والأرض امن يملك السمع والإبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله – فقل – أفلا تتقون – تتقون—أي تبعدون أنفسكم عن عذابه
- قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ{31}
- بعد ان أبطل الله دور الشركاء في المؤثرات الحياتية والمعيشية في الحياة الدنيا - وإنكار الشركاء لشركائهم يوم القيامة – إذن من هو الرب - فذلكم الله ربكم الحق –هو ربكم الحقيقي – فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون – تصرفون - أي تذهب عقولكم بعيدا عن قول الحق - كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون
- فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ{32} كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{33}
- ولكي يفصل الله دنيويا بين المشركين وشركائهم طرح على المشركين سؤلا عقائديا– قل يا محمد-- هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده – أكيد الشركاء غير قادرين على بدا الخلق أو إعادته لأنهم صنعوا بأيدي بشر كالأوثان والأصنام والمصلوب روح الله ---- قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تأفكون – كيف تتقبلون أفك وافتراءات المكذبين - يطرح الله على المشركين سؤلا عقائديا آخرا - قل يا محمد -هل من شركائكم من يهدي الى الحق – أكيد لا يهدون الى الحق لأنهم لا ينطقون ولا يعلمون غيب السماوات والأرض - قل الله يهدي للحق - أفمن يهدي الى الحق - أحق ان يتبع امن لا يهدي فمالكم كيف تحكمون
- قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ{34} قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ{35}
- بعد فشل المشركين بالإجابة على أسئلة الله فيما يخص إبداء الخلق والهدية – أكد الله لهم ان عبادتهم للشركاء هي عبادة ظنية خالية من أي دليل عقائدي – قال الله - وما يتبع أكثرهم إلا ظنا – ظن الاعتقاد – ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان الله عليم بما يفعلون – ولكي يؤكد الله للمشركين ان القران هو من عنده - وليس بإمكان الجن أو الشياطين والكهنة وحتى الأنبياء من افتراءه على الناس – قال الله -- وما كان هذا القران ان يفترى دون الله من دونه ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين
- وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ{36} وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{37}
- كرد فعل على الفصل العقائدي الدنيوي والاخروي - اتهم المشركون القران بمختلف الاتهامات منها تنزيل الشياطين وقول ساحر وقول كاهن كما اتهم النبي بافتراء القران – أم يقولون افتراه – قل لهم يا محمد - انتم بشر مثلي فاتوا بسورة من مثله وادعوا ما استطعتم من دون لله ان كنتم صادقين -- الأبعاد التضليلية من اتهم النبي بافتراء القران -هي لتكذيب التنزيل – بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه – أي كذبوا القران دون دراسته وتمعن - ولما يأتيهم تأويله – ولما يأتيهم العذاب الدنيوي واقعيا حسب ما أولته الآيات التي هددت المشركين بالعذاب سيكون مصيرهم كمصير الذين من قبلهم - كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين – ومنهم من يؤمن به أي القران ومنهم لا يؤمن به وربك اعلم بالمفسدين --
- أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{38} بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ{39} وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ{40}
- من الطبيعي سيكون هنالك تفاوت كبير بين أعمال المؤمنين بالله وبين الرافضين للإيمان – فالمكذبين يصرون على أعمالهم الفاسدة التي شرعها لهم الشيطان بما يخدم مصالحهم الشخصية التي يكتسبونها من عبادة الأوثان – فما مطلوب من النبي إعلان البراءة من أعمال المشركين الفاسدة التي ينسبونها الى الله– قال الله --وان كذبوك يا محمد - فقل لي عملي ولكم عملكم واني بريئون مما تعملون --
- وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ{41}
- يصف الله للنبي حال المكذبين عند سماعهم للقران – قائلا - ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون – وهذا القول كناية عن عدم رغبتهم بسماع قول الحق – ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي ألعمي لو كانوا لا يبصرون – لا يبصرون آيات الخالق - أذان أفئدة الإنسان وإرادته هي من تحد الرغبة أو عدم الرغبة بقبول الحق - ففي هذه الحالة يكون الإنسان مخير في اختيار طريق الحق أو الباطل وليس مسير – وبهذا المفهوم - ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن أنفسهم يظلمون
- وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ{42} وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ{43} إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{44}
الأبعاد السياسية من نقل السفارة الأمريكية الى القدس فقد المسيحييون الشرقييون الارثذوكسييون مسارهم الديني المقدس الممتد من القدس الى اليونان مرورا بتركيا والمتمثل بأوربا الشرقية بعد إعلان ترامب نقل السفارة الأمريكية الى القدس فكان الإعلان رصاصة الرحمة على التراث المسيحي الشرقي في فلسطين -- فما عاد تعريب الكنائس يجدي نفعا –الأمر لا يقتصر على المسيحيين فقط بل حتى المسلمين فقد باتوا عاجزين عن فعل شيء—نستذكر من التراث الإسلامي السياسي بعض الأحاديث النبوية المكذوبة على رسول الله والتي توضح تحالف إسلامي مسيحي ضد اليهود في أخر الزمان المتمثل بنزول عيسى ابن مريم –وكسره للصليب والصلاة بالأنبياء والمؤمنين– ليقفوا صفا واحدا ضد اليهود –فالكذب الديني السياسي الإسلامي والمسيحي جاء بنتيجة مغلوطة على شعوب المنطقة ---أنهت المسلمين والمسيحيين الشرقيين وأنهت أيضا كافة حركات التحرر اليسارية والشيوعية والاشتراكية التي ناصرت القضية الفلسطينية لعقود كثيرة –نقل السفارة له أبعاد سياسيه شامله لكل المسيحيين المعتقدين بالمجيء الأول والثاني والطامحين بعودة القدس للحاضة المسيح...
تعليقات
إرسال تعليق