من الاية 111 – 119 التوبة
ان الله اشترى – اشترى ليس مفهوم تجاري كمن يشتري حاجة - ولكن اشترى بمعنى - قبل الله من المؤمنين كل ما قدموه لأجله -- ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم - التي بذلوها في سبيله في الدفاع عن دعوة الحق – وأموالهم -- التي أنفقوها في سبيله كتجهيز أنفسهم بالأسلحة والمؤن -- بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ذلك الفوز العظيم – أدرج الله مع الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم مؤمنين آخرين هم -- التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين
إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{111} التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{112}
هؤلاء المؤمنون قطعوا شوطا طويلا مع مجريات أحادث الدعوة القرآنية حتى نالوا رضا الله - ولقد عبر الله عن ذلك - بقوله ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم التي بذلوها في سبيله – الهدف من إبراز تلك السمات العقائدية والأخلاقية للمؤمنين - هو وضع مقارنه بين المؤمنين وما بذلوه في سبيل الله طيلة الدعوة القرآنية -- وبين الذين يستغفرون لأقاربهم من المشركون الذين لم يفعلوا شيئا في سبيل الله ولو بكلمة واحده - يعتقد البعض ان النبي والمؤمنين استغفروا لأقاربهم ممن مات على الشرك طبعا هذا غير صحيح – بل هم أحياء لكنهم أصروا على الكفر بالله – قال الله –ما كان للنبي والمؤمنون ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي القربى من بعد ما تبين لهم أنهم من أصحاب السعير --
مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{113}
على ماذا استند النبي والمؤمنين كي يستغفروا للمشركين لألوا القربى– اسندوا على قول إبراهيم لأبيه -- {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً }مريم47 – انهي الله جدلية الاستغفار بان لا مغفرة للمشركين بعد إصرارهم على الكفر من بعد ان تبين لكم أنهم من أصحاب الجحيم-- ثم ضرب لهم مثلا عن استغفار ابرأهيم لأبيه – قائلا -- وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له انه عدو لله بتراء منه ان ابرأهيم لأواه حليم –
وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ{114}
بعض الأقوام لم تواكب كافة مجريات الدعوة القرآنية ولم تطلع على التشريعات والفرائض والآيات التي تبين حدود التقوى- مكتفين بالإيمان بالله واليوم الأخر- مما فاتهم الكثير من المفاهيم القرآنية – قال الله --وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ان الله بكل شيء عليم –الإنسان لا يملك شيء من مسخرات الحياة مهما طال عمر - ولن يأخذ منها شيئا مهما استعمرها واستثمرها لصالحه وفي النهاية سيترك كل شيء لغيره فالمالك الأول والأخير هو الله -- ان الله له ملك السموات والأرض يحي ويميت وما لكم من دون لله من ولي ولا نصير – حدثت بعض الإخفاقات لدى النبي والمؤمنين عندما سمعوا بقتال التواجد اليسوعي الصليبي في شمال غرب الجزيرة في سنة تسع للهجرة حيث تثاقل بعض المهاجرين والأنصار عن النفير في سبيل لله - سبب بعد المسافة مما أزاغ ذلك قلوب البعض منهم – قال الله - لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم --
وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{115} إِنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ{116} لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{117}
ثلاثة أشخاص من المنافقين تخلفوا عن معركة تبوك - ثم بعد ذلك ظهرت عليهم بوادر التوبة ففتح الله لهم بابها --قائلا
– وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم
وظنوا ان لا ملجأ من الله إلا إليه - ثم تاب عليهم - ليتوبوا ان الله هو التواب
الرحيم – شهدت سورة التوبة الكثير من الإخفاقات العقائدية حيث ظهرت شرائح مختلفة
من المنافقين – منهم منافقي الجهاد
ومنافقي الأموال ومنافقي الصدقات ومنافقي المؤامرات والدسائس بالإضافة الى تثاقل
الكثير من المؤمنين عن النفير في سبيل لله - لم يكن أصحاب تلك الإخفاقات صادقين مع
الله – خاطبهم - قائلا – أيا أيها الذين
امنوا اتقوا الله وكنوا مع الصادقين -
وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ
خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ
أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ
تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{118} يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ{119}
تعليقات
إرسال تعليق