من الاية 53 – 66 التوبة
في المقالة السابقة التي كانت بعنوان انفروا خفافا وثقالا تطرقنا الى ذكر نفاق بعض المقاتلين الذين جاءوا النبي بأعذار مختلفة كاذبة منها التثاقل ومنها بعد المسافة ومنها خوفا الوقوع بالفتنة -- نأتي في هذا الموضوع الى موقف المنافقين الأغنياء من الإنفاق في سبيل الله – قل يا محمد - للمنافقين انقوا طوعا متطوعين أو كرها دون رغبة منكم - لن يتقبل الله منكم أنكم كنتم قوما فاسقين – ما هي الأسباب التي منعت من قبول نفقات الأغنياء من المنافقين لأنهم كفروا بالله وبرسوله – قال الله -- وما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم إلا نهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى أي متثاقلين دون رغبة ولا ينفقون إلا وهم كارهون – قال الله - فلا تعجبك يا محمد - أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون – يحلفون بالله أنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون -- لو يجدون ملجأ أي مكان يلجؤون إليه أو مغارات شقوق في الجبال أو مدخلا أي مكان أخر يكونوا فيه بعيدين عنكم -- وهنا التعبير عن رغبة المنافقين بالفرار من قيود الإيمان والقتال والإنفاق في سبيل الله - لولوا إليه وهم يجمحون – بإصرار دون تردد
قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ{53} وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ{54} فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ{55} وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ{56} لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ{57}
نفاق الفقراء -- بعض المنافقين يلمزون النبي بالصدقات بمعني يعيبون توزيعه فان أعطوا منها عطاء كثيرا رضوا وان لم يعطوا لأنها لا تشملهم إنما لتشمل شريحة أخرى اذ هم يسخطون – لو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتنا الله من فضله ورسوله إنا الى الله راغبون – وهنا التعبير عن القناعة – حب لأخيك كما تحب لنفسك – فالذي لدية رغبة الى الله سيتغاضى عن كثير من الأمور ابتغاء وجهه
وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ{58} وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ{59}
ونتيجة لاعتراض الفقراء من المنافقين على توزيع الصدقات وضع الله إلية جديدة للتوزيع -- قال الله -- إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم – المؤلفة قلوبهم - العشاق الذين ليس لديهم إمكانية مادية لتحقيق الرابطة الزوجية ومر على محبتهم زمنا طويلا – أو المتحابين الذين فرضت عليهم مهور عالية غير قادرين على دفعها -- وفي الرقاب - الرقاب ليس ملك اليمين - إنما هو ان يجعل شخص ما في رقبته مسؤولية أسرية أو اجتماعية وفق لأعراف قبلية -- والغارمين الذين وقعت عليهم غرامات مالية بسبب الحوادث -- وفي سبيل الله الإنفاق العسكري وابن السبيل فريضة من والله عليم حكيم
إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{60}
نفاق أصحاب الألسن الحادة -- بعض المنافقين يحاولون بأقوالهم - إيقاع الأذى بالنبي–ومنهم أي من المنافقين – الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن بمعنى يصدق كل ما يقال له -- قل لهم يا محمد --أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين امنوا منكم – والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب اليم – من أساليب المنافقين أصحاب الألسن الحادة هي الحلف الكاذب للتغطية على نفاقهم فهم لا يحلفون لإرضاء الله ورسوله إنما لإرضاء المؤمنين -- يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق ان يرضوه ان كانوا مؤمنين
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{61} يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ{62}
نفاق المستهزئين -- الم يعلم المنافقون انه من يحادد – أي من يجعل بينه وبين الله ورسوله وبين الإيمان والكفر حدا أو حاجزا- فان له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم – يحذر المنافقون –ترقب بحذر وخوف شديد من ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم – قل لهم يا محمد استهزئوا ان الله مخرج ما تحذرون – ولئن سألتهم عن سبب استهزائهم بالله ورسوله - ليقولن إنما كنا خوض ونلعب – قل لهم يا محمد - الم تجدوا شيئا تخوضوا وتلعبوا به غير الله وآياته ورسوله -- أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كشف الله إسراركم -- قد كفرتم بعد إيمانكم ان نعف عن طائفة منكم – وهي طائفة التي كانت التي كانت تلمز النبي بالصدقات -- نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين – وهي الطائفة الأكثر أجرما هم الأغنياء والطائفة التي تتولى الأفكار الاستهزائية المحرضة على مخالفة الله ورسوله
أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن
يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا
ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ{63} يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ
عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ
اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{64} وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا
كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ{65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن
نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ
مُجْرِمِينَ{66}
تعليقات
إرسال تعليق