من الاية 1 – 12 التوبة
في سنة 6 للهجرة توجه النبي والذين امنوا معه الى مكة للحج - وعند الحديبية اعترضه المشركون لمنعه من الوصول إليها فحصل جدال ومشادات كلامية بين الطرفين انتهت بصلح الحديبية – يتضمن الصلح عدد من المعاهدات منها حرية اختيار الحلفاء بشرط ان لا تضغط قريش على أي قبيلة من قبائل المنطقة تحت تهديد السلاح – وافقت قريش على الشرط ولكن بشرط أمامه ان يرجع النبي عن مكة هذا العام الى العام القادم اي في سنة 7 للهجرة – مدة الصلح عشرة سنوات – دخلت إحدى القبائل العربية المشركة القريبة الى المدينة حلفا مع النبي – تحالفه معها كان تحالفا امنيا فقط بمعنى تامين المدينة من جهتها - بنود الصلح أي اعتداء على حليف من حلفاء يعني اعتداء على الحلف كله – في سنة 8 للهجرة اعتدت قريش على القبيلة العربية المشركة فقتلت منهم – فنقضت حلفها مع النبي فنقض النبي حلفه مع بقية حلفاء قريش – براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين قريش وحلفائها – فسيحوا في الأرض أربعة أشهر – بمعنى أمهل الله قريش وحلفائها من المشركين أربعة أشهر لتحديد موقفهم مما سيحكمه الله عليهم خلال الأشهر القادمة وهي فترة أشهر الحرم لسنة 8 للهجرة - وعلموا أنكم غير معجزي الله وان الله مخزي الكافرين
بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ{1} فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ{2}
فلا بد من وسيلة لتبليغ قريش وحلفائها ان الله ورسوله تخليا عن معاهدة الحديبية فكانت أفضل وسيلة للتبليغ هي - يوم عرفه حيث يتجمع الناس في وقت واحد ومكان واحد -- وأذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الأكبر يوم عرفه ان الله بريء من المشركين ورسوله فان تبتم عن الشرك والكفر وأعلنتم دخولكم في الإسلام - فهو خير لكم وان توليتم عن ذلك - فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب اليم
وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{3}
استثنى الله من التبليغ القبيلة المشركة حليفة النبي - إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا أي لم يخلوا في بنود الحلف ولم يظاهروا عليكم أي لم يقدموا لأعدائكم دعما عسكريا أو اقتصاديا أو امنيا فأتموا إليهم عدهم الى مدتهم أي الى سنة 16 للهجرة ان الله يحب المتقين الملتزمين بالعهود والمواثيق -- المقصود هنا المؤمنين وليس القبيلة المشركة حليفة النبي
إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{4}
أول قرار صارم اتخذه الله بحق ناقضي معاهدة الحديبية الذين لم يستجيبوا للتوبة عن الشرك والكفر - فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي - فإذا انسلخ أشهر الحرم لسنة 8 للهجرة فقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم اسري واحصروهم أي ضيقوا عليهم الحياة وأنشطتهم التجارية وقعدوا لهم كل مرصد وكل مكان يتوافدون إليه – فان تابوا عن شركهم ودخلوا الإسلام وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم -- ودليل على دخولهم الإسلام إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة – إقامة الصلاة تعني بناء المساجد - إيتاء الزكاة تطبيق الأعمال الصالحة التي أمر الله بها - فخلوا سبيلهم - ان الله غفور رحيم
فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{5}
بعد القرار الصارم الذي اتخذ بحق ناقضي صلح الحديبية أعطى الله فرصة لمن لم يسمع به - كبراءة الله ورسوله من حلف قريش وقرار الحرب على ناقضي الصلح الذي يبدأ مع نهاية أشهر الحرم لسنة 8 للهجرة -- قال الله - وان احد من المشركين استجارك – يستجير يطلب الحماية فاجرة حتى يسمع كلام الله –ثم ابلغه مأمنه بمنى أعطيه الأمان حتى يصل الى قبيلته - ذلك بأنهم قوم لا يعلمون – أي لا يعلمون بالإجراءات التي اتخذت بحق ناقضي عهد الحديبية
وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ{6}
حذر الله النبي من المشركين الذين طلبوا الاستجارة والحماية على ان أولئك لا عهد لهم لا عند الله ولا عند رسوله مستثنيا منهم إلا الذين عاهدتم عن المسجد الحرام أي القبيلة المشركة حليفة النبي – طالما هم متمسكون ببنود الحلف - فما استقاموا لكم - فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين --
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{7}
حذر الله النبي من المشركين عموما سواء ان كانوا من طالبي الاستجارة أو حلفائه في الحديبية - قائلا –كيف وان يظهروا عليكم أي يصبحوا أقوياء عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة – لا يرقبون - تعني لا يبالون في قتلكم - إلا - هاربا أو طالب حماية -- ولا ذمة - ذمة الميثاق أو المعاهدة – ويرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم فما على ألسنتهم ليس ما في قلوبهم وأكثرهم فاسقون
كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ{8}
من أسباب نفاق المشركين عموما سواء ان كانوا حلفاء النبي أو المستجيرين به - لأنهم اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيل لله أنهم ساء ما كانوا يعملون – لا يرقبون – لا يرقبون تعني لا يبالون في قتلكم - إلا – سوء ان كان هاربا أو طالب حماية -- ولا ذمة - ذمة الميثاق أو المعاهدة - أولئك هم المعتدون
اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{9} لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ{10}
من مميزات دخول المشركين في الإسلام هي التوبة عن الشرك وإقامة الصلاة ببناء المساجد وإيتاء الزكاة أي تفعيل الأعمال الصالحة واقعيا فان لمستم منهم تلك المتغيرات - فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون – وان نكثوا إيمانهم من بعد دخولهم في الإسلام واطعنوا في دينكم أي ارتدوا عنه - وهدموا مساجدهم وعادوا الى معاصيهم - فقاتلوا أئمة الكفر أنهم لا أيمان لهم أي لا عهد لهم ولا ميثاق عند الله - لعلهم ينتهون – ينتهون عن كفرهم بالعودة الى الإسلام مرة أخرى
فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ
الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{11} وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ
عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ
لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ{12}
تعليقات
إرسال تعليق