من الاية 172 – 186 الأعراف
وآذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم – ولا يقصد هنا مكان أنتاج السائل المنوي الذكوري كما يعتقد البعض – إنما من ظهورهم – أي ظهر بعد ظهر- كقولنا في الأنظمة العشائرية نحن أبناء عمومه نلتقي في سادس ظهر – فلكل ذرية متسلسلة ظهر تلتقي فيه – جمع ظهر- ظهور -- جاء تسلسل هذه الاية بعد سلسلة أحداث دينية مر بها بني إسرائيل ليؤكد الله لنا انه لا توجد امة على وجه الأرض إلا وعلمت بوحدانية الخالق عبر الظهور والذراري -- فأول تجمع قومي ديني لبني ادم كان في قوم نوح والذي يعتبر أول رسول للبشرية - فمنذ تلك الفترة والى يومنا هذا لم تبقى بقعة من بقاع الأرض إلا ووصلها التبليغ -- فأقدم ذرية على وجه الأرض هم بني إسرائيل يعود جذورهم الى قوم نوح – فإسرائيل رجل صالح من ذرية ممن حملنا مع نوح ومن ظهره أسباط بني إسرائيل ومن أسباط بني إسرائيل أنصار عيسى ابن مريم والحواريون – ومن التوراتيون الذين هادو- الربانيون والنبيين والأحبار – فمن رسالة نوح وحتى نزول القران لم تغفل ذرية بني إسرائيل عن رسالة أي رسول – فجميع تلك الظهور والذراري شهدوا على وحدانية الخالق في جميع العصور التاريخية -- وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلا ان تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين – أو تقولوا إنما أشرك آبائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون – فمسؤولية نقل وحدانية الخالق عبر الأجيال هي مسؤولية الظهور والذراري وبهذه المسؤولية يرفع الله العذر عن بني ادم عموما كي لا يضعوا اللوم على أبائهم يوم القيامة ويقولوا إنما أشرك آباءنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم -- وكذلك نفصل الآيات لذرية بني ادم - ولعلهم يرجعون – لعلهم يرجعون الى الله
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ{172} أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ{173} وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{174}
ضرب الله لنا مثلا عن الذين تمسكوا بدين آبائهم مبتعدين عن ما انزله الله – قائلا - وتل عليهم يا محمد – أي على بني ادم ممن يستمع للقران من بني إسرائيل واليهود والنصارى ومشركي العرب - نبا - خبر الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها - اي تخلى عنها متمسكا بدين آبائه فاتبعه الشيطان – أكيد استقطبه الشيطان طالما تخلي عن آيات الله - فكان من الغاوين – أي وقع عليه إغواء الشيطان فكان من الغاوين – فالذي انسلخ عن آيات الله استجاب لاشاءة الشيطان بكل قواه العقلية - واشاءة الله مع اشاءة الإنسان سواء ان كانت إيمانية أو ظنية -- لو شئنا لرفعناه بها لكنه لخلد الى الأرض واتبع هواه –فمثله - كمثل الكلب والتشبيه ليس بالكلب إنما على الحالة التي يمر بها الكلب – ان تحمل عليه أي تجهده بالركض يلهث وان تتركه يلهث – ذلك مثل الذين كذبوا بآياتنا – فقصص القصص يا محمد لعلهم يتفكرون – ساء مثل الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{176} سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ{177}
كافة الاعتقادات الشركية والوثنية والظنية تنسب عبادتها وتشريعاتها الى الله - ولربما شخص ما يعتقد باعتقاد معين أو ديانة معينه تراه يشعر بالهداية لالتزامه بكل ما يعتقد به - ولكن المشكلة أين - المشكلة بمصدر الهداية فان كان مصدرها الله - فمن يهد الله فهو المهتدي -- وان كان مصدرها شياطين الاعتقادات فقد ضل - ومن يضلل أي ينحرف عن هداية الله - فأولئك هم الخاسرون – بعد ان أبطل الله كافة الاعتقادات المنسوبة له ومزاعم المتمسكين بدين آبائهم على انه هو الحق وان وما انزل الله هو الباطل - هو اعتقاد الأغلبية من البشر –قال الله - ولقد ذرانا – ذرانا جاءت من الذر أو الذراري أو الذرء هو التكاثر والتناسل لعالمي الجن والإنس -- ولقد ذرئنا لجهنم كثير من الجن والإنس –لهم قلوب لا يفقهون بها – القلب هو مصدر الهداية فان اهتدى - اهتدى معه العقل والسمع والبصر – وان ضل - ضلت بقية الأفئدة – لهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذن لا يسمعون بها أولئك كالإنعام بل هم أضل – للأنعام هداية خلقية أزلية غير قابله على تغير وظائفها الحياتية – ولكن الإنسان قابل للتغير بإرادته وبأفئدته وقد ينحرف عن ما خلق من اجله – وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون - فمن لا يقر بتصحيح اعتقاده – أولئك هم الغافلون --
مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{178} وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ{179}
يعتقد الكثير منا ان الإلحاد هو فكر للادينيين من الشيوعيين واليساريين واللبراليين وفي أكثر من موضع بينا ان الإلحاد هو فكر ديني – قال الله - ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها – ادعوه - لا تعني استخدمها للدعاء إنما لا تجعل له اسما غير الأسماء المصرح بها – فالكثير من الاعتقادات الوثنية والشركية تجعل لله أسماء ما انزل الله بها من سلطان - وذر الذين يلحدون في أسمائه -- وذر تعني اترك – يلحدون - تعني يميلون عن أسماءه الحقيقية ليلبسون الله أسماء آلهتهم أو إلههم – فتراهم يبطلون الأسماء التي تدل على عظمته الحقيقة– كالجبار – المنتقم - المعز - المذل - الماكر – لان فيها عذاب وتهديد ووعيد فذلك يجعل الإنسان في رهبة وخوف من الوقوع بعذابه وبالتالي ينعكس ذلك على الاعتقادات الظنية - فالفكر الديني الإلحادي يحاول اختيار لله أسماء بعيدة عن التهديد والوعيد والعذاب وإظهار التسامح والمحبة – كأسماء المسيح عند اليسوعيين – الله محبة - المخلص – العريس – أنا هو- كلمة الله – الكلمة - الديان - القدوس – ولكن بالمقابل -- وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون – والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون – ولكي لا يغفل الناس عن تهديد ووعيد الله والاكتفاء الجانب ألتسامحي مع تجاهل عذابه الأخروي -- أملي لهم يا محمد -- وأملي لهم ان كيدي متين – أولم يتفكروا ما بصاحبهم محمد من جنة - أي جنون -ان هولا نذير مبين – أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون اقترب اجلهم – أي اجل الحساب – فبأي حديث بعده يؤمنون – من يضلل لله أي من غابت أفئدته عن طريق الله - فلا هادي له – ويذرهم - أي يتركهم في طغيانهم يعمهون – يعمهون تعني يناورون بكافة قدراتهم العقلية والفكرية والعقائدية من اجل ديمومة الطغيان
وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ
مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{180} وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ
وَبِهِ يَعْدِلُونَ{181} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم
مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ{182} وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ{183}
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ
مُّبِينٌ{184} أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا
خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ{185} مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ
لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ{186}
تعليقات
إرسال تعليق