التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حاضرة البحر – وتجارة يوم السبت

 

من الاية 163 – 171 الأعراف

قلنا في المقالة السابقة -- لم تروق الحياة الصحراوية القاسية والطعام الواحد لأسباط بني إسرائيل فبدا تذمرهم منها - فاختار الله لهم البديل القومي وفقا لرغباتهم – قال الله - وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية – وهي قرية الجبارين– لأنها توفر كافة مقومات الحياة بالإضافة الى التنوع الغذائي -  وكلوا منها حيث شئتم  - وقولوا حطة - أي طاعة لأمر الله  -  وادخلوا الباب سجدا – التظاهر بمظهر القوة  عند كسر باب القرية حينها سيخضع الجبارين للأمر الواقع -  نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين – سؤال يطرح نفسه لماذا ربط الله غفران الخطيئة بدخول القرية أو الأرض المقدسة - السبب - لان الله يريد من أسباط بني إسرائيل أقامة دولة دينية وفقا لنزعتهم القومية  في مجتمع يمتلك كافة مقومات الدولة – وهذا لن يتحقق إلا بترك البيئة الصحراوية والانتقال الى المدن المتكاملة - لهذا طلب الله منهم دخول القرية - فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم –فقالوا قولهم المشهور- اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون -  فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ –  ونتيجة لظلمهم تفكك بني إسرائيل  من الصحراء مشتتين بين القرى والأمصار ولم يتمكنوا من إقامة دولة دينية - سميت تلك المرحلة بمرحلة الشتات الأول –

الأسباط القوميون – 

ظهرت فترة العلو الأول للأسباط القوميين من بني إسرائيل  قبل الميلاد وتحديدا بعد دعوة موسى – وهي في فترة الملك داوود وليس الخليفة داوود والد سليمان كما يعتقد البعض -- وفيها  انتصر الملك داوود على طالوت واتاه الله الملك في معارك ما بعد نهر الأردن – نشر داوود العدل في مملكته ولكن سرعنما تحولت من بعده الى عصابات عاثت بشعوب المنطقة فسادا بالقتل والتشريد تحت اسم الأرض المقدسة -- فكل ارض يريدون احتلالها ادعوا  أنها الأرض المقدسة التي وعدوا بها -- فتوسع فنفوذهم  بالإرهاب والقتل والتهجير كما هو الحال اليوم - حتى سلط الله عليهم احد ملوك أشور فنكل بهم اشد التنكيل فقتل من قتل من قتل وسبي من سبي وتشتت بني إسرائيل في الأرض مرة أخرى -- انتهت مرحلة العلو الأول بشتات الأسباط القوميون من بني إسرائيل مرة ثانية --

العقائديون – التوراتيون الذين هادوا

  نزلت التوراة على يحيى ابن زكريا في فترة صباه لدعوة العقائديين الذين هادوا من بني إسرائيل لإحياء كتاب موسى وتصحيح وصاياه المحرفة  أثمرت عن بروز طائفة مؤمنه أطلقت على نفسها  النبيون والربانيون والأحبار – تسمى تلك الطائفة التوراتيون الذين هادوا - فأول من صدق بتوراة يحيى هو عيسى ابن مريم - فكان يتلوه على القوميين من بني إسرائيل - ولما بلغ مرحلة الكهولة آتاه الله الإنجيل – وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم  ( أي على أثار التوراتيين  ) بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ( أي توراة يحيى ) وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ – هذا يعني ان التوراة نزلت قبل الإنجيل –

  وبعد الميلاد ونجاح الدعوة الإنجيلية في إقامة دولة دينية  وفر الله الظروف للتوراتيين الذين هادو من إقامة دولتهم في إحدى قرى الحاضرة على البحر- أي تطل على البحر – ففي إقامتها اختبار من الله هل بإمكان التوراتيون الذين هادوا من إقامة دولة دينية تستند في تشريعاتها على كتاب التوراة المتضمن لوصايا موسى - أم هي مجرد وعود وأكاذيب باطلة عندما تمتحن على ارض الواقع – قال الله – واسألهم  يا محمد عن القرية التي كانت حاضرة البحر - يسأل من - يسأل خلف التوراتيون الذين هادوا ممن حاضر الدعوة القرآنية ليخبرهم عما فعله إسلافهم في يوم السبت-  اذ يعدون  -  يعدو عداوة وفق موعد تتفق عليه أكثر من جهة على الاعتداء في السبت - اذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا - أي تأتي المراكب المحملة بالصيد في يوم السبت - وطبعا هذا باتفاق تجاري بين أصحاب المراكب والمعتدون من الذين هادوا في يوم السبت– شرعا –شرعية ومشروعية ذلك العمل وفق تشريع شرعه أصحاب المصالح النفعية من الذين هادوا لكسب الأموال من تجارة يوم السبت - السبب - في اختيار يوم السبت - لأنه يوم السبوت أو السبات  حيث يوقف معظم التوراتيون عن العمل وعن مزاولة التجارة متفرغين  للعبادة وقراءة كتاب التوراة --  فالمعتدين  في السبت يستغلون انشغال الناس  في العبادة  ليشتروا الصيد من المراكب بأسعار زهيدة  لقلة المنافسين - ثم يباع في اليوم التالي بأسعار تنافسية – وهذه نفس الحالة التي مارسها التوراتيون المؤمنون بالقران عندما رأوا تجارة انفضوا إليها مستغلين انشغال الناس بصلاة الجمعة  -- لذا نجد ان سورة الجمعة بدأت بقوله - مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملها كمثل الحمار يحمل أسفارا -- ما يؤكد لنا على ذلك الاتفاق التجاري بين أصحاب المراكب والمعتدون في السبت – قول الله - ويوم لا يسبتون لا تأتيهم –كذلك  نبلوهم بما كانوا يفسقون –   في ذلك أسلوب تحايل على الدين لكسب الأموال بطريقة غير شرعية –

واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ{163}

– انقسم التوراتيون الذين هادوا في شئن المعتدين في السبت الى - فريقين – فريق قدم النصيحة لهم معتبرا ان ما يفعلونه هو فسوق ومخالف لتعاليم الله - وفريق أخر اعترض على نصح المعتدين على اعتبار ان عذابهم وهلاكهم قادم لا محال – برر الفريق الذي قدم النصيحة للمعترضين عليها –قائلين – معذرة الى ربكم – أي نرفع العذر عنا وعنهم أمام الله - ولعلهم يتقون أي يبعدون أنفسهم عن خزيه الدنيوي وعذابه الأخروي

 وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{164}

لم تجدي نفعا نصائح كلا الفريقين بل استمر  المعتدون في فسقهم– فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون –رغم كل التحذيرات العقائدية الدنيوية والأخروية  المقدمة لهم  غير أنهم عتوا عن ما نهوا عنه -- فقلنا لهم كنوا قردة خاسرين – وهنا ليس المقصود نسخ الفاسقين من بني إسرائيل الى قردة إنما هو تعبير عن نسخ الفسوق المتوارث في طبيعة البشر التي لم تتغير أبدا - فمراحل التقليد المتوارث للمعاصي والمخالفات هو من اكسبهم صفة القردة الخاسئين – فالأسلاف الذين رفضوا الاستجابة لأمر لله في دخول القرية  - هم  خلف الذين اعتدوا في السبت – تعتبر تلك المرحلة مرحلة العلو الأول  للتوراتيين الذين هادوا انتهت  بخزي وعذاب دنيوي  

 فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{165} فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{166}

 توعد الله الفاسقين من التوراتيين الذين هادوا  بخزي وعذاب دنيوي أينما وجدوا --وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم الى يوم القيامة من يسومهم سواء العذاب ان ربك لسريع الحساب وانه لغفور رحيم – وبعد حادثة القرية التي كانت حاضرة البحر تفككت دولة التوراتيون الذين هادوا - كما تعرض الذين كانوا ينهون على السوء الى انقسامات عقائدية – قال الله -  وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات أي بالأمن والاستقرار المجتمعي وبالسيئات بالنكبات والقهر والاضطهاد  لعلهم يرجعون – يرجعون الى الله

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{167} وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{168}

الكلام موجه للتوراتيين الذين هادوا ممن حاضر الدعوة القرآنية – قال الله - فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب - أي كتاب – كتاب التوراة الذي انزل في القران - يأخذون عرض هذا الأدنى  –عرض - تعني عروض الدنيا المتعلقة بالمصالح النفعية والشخصية - هذا الأدنى - أي اقل عرض من عروض الدنيا يتعلق بمصالحهم النفعية يأخذونه به -- ويقولون سيغفر لنا – كيف سيغفر لهم وهم يقدمون عروض الدنيا على الدين - إذن هنالك قاعدة دينية اعتقاديه أعطت لهم الشرعية  بالغلو الديني   -- لذا هم أعطوا لأنفسهم مكانة دينية أجازت لهم مخالفة الله على اعتقاد هم شعب الله المختار أو أبناء الله وأحبائه – لفهم هذه الآيات لابد من مثل واقعي يعطينا توضيح أكثر – هنالك قاعدة دينية مزيفه تقول الضرورات تقي المحظورات بمعنى كل شيء محرم ومحظور في مجال الدين الضرورة تحله وتقيه - وتحت هذه القاعدة المزيفة مارست جميع الأديان السياسية التقية عندما تتطلب مصالحها الطائفية لذلك -  وطبعا هذا وفقا لفتوى دينية سياسية تصدر من مراجع كبار في المؤسسات الدينية – فآلية التقية تمارس مع كافة العروض الدنيوية -- وان يأتهم عرض مثله يأخذونه - الم يأخذ عليهم ميثاق الكتاب – أي ميثاق كتاب موسى الذي أخذه الله على آبائهم  والذي جاء ذكره في القران - ان لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدر الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون – إذن لن يغفر الله لهم وهم يتعاملون مع الدين بالمصالح الدنيوية – ولكن يغفر لمن تمسك بالكتاب وحافظ على تعاليمه --  والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة أنا لا نضيع اجر المصلحين

فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ{169}وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ{170}

ذكًّر الله التوراتيين الذين هادوا ممن حاضر الدعوة القرآنية بميثاق كتاب موسى الذي أخذه على آبائهم عند ميقاته – قائلا – وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة – أي صار الجبل فوقهم كالظل -- وظنوا انه واقع بهم – أي سيقضي عليهم – خذوا ما أتيناكم بقوة – ليس تحت التهديد – بقوة - أي أرغموا نفسكم على الالتزام بتعاليمه وذكروا ما فيه لعلكم تتقون – أي تبعدون أنفسكم عن خزي الله  الدنيوي وعذابه الأخروي   

 وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{171}

 

تعليقات

طلعت خيري

الأبعاد السياسية من نقل السفارة الأمريكية الى القدس

الأبعاد السياسية من نقل السفارة الأمريكية الى القدس فقد المسيحييون الشرقييون  الارثذوكسييون  مسارهم الديني المقدس الممتد من القدس الى اليونان مرورا بتركيا والمتمثل بأوربا الشرقية بعد إعلان ترامب نقل السفارة الأمريكية الى القدس فكان الإعلان رصاصة الرحمة  على التراث المسيحي الشرقي في فلسطين -- فما عاد تعريب الكنائس يجدي نفعا –الأمر لا يقتصر على المسيحيين فقط بل حتى المسلمين فقد باتوا عاجزين عن فعل شيء—نستذكر من التراث الإسلامي السياسي بعض الأحاديث النبوية المكذوبة على رسول الله والتي توضح تحالف إسلامي مسيحي ضد اليهود في أخر الزمان المتمثل بنزول عيسى ابن مريم –وكسره للصليب والصلاة بالأنبياء والمؤمنين– ليقفوا صفا واحدا ضد اليهود –فالكذب الديني  السياسي الإسلامي والمسيحي جاء بنتيجة مغلوطة على شعوب المنطقة ---أنهت المسلمين والمسيحيين الشرقيين وأنهت أيضا كافة حركات التحرر اليسارية والشيوعية والاشتراكية التي ناصرت القضية الفلسطينية لعقود كثيرة –نقل السفارة له أبعاد سياسيه شامله لكل المسيحيين المعتقدين بالمجيء الأول والثاني والطامحين بعودة القدس للحاضة  المسيح...

ولا تكن للخائنين خصيما

من الاية 105 – 113 النساء لا نعرف ما حقيقة المشكلة التي جادل عنها النبي وأصحابه باتخاذهم موقفا مناصرا لها – بما ان مواضيع الآيات التي سبق هذا الموضوع تتكلم عن مكافحة المرتدين مع الحذر من قتلهم   خطأ أو تعمدا -- إلا بعد التأكد -   فمن المحتمل ان طائفة ما اخترقت تلك التحذيرات فقتلت مرتدين مما أدى الى تذرع القتلة بعدم علمهم أو جهلهم بالحقيقة – المهم تلك الطائفة خانت الله في تعاليمه فأول من ناصرها النبي وأصحابه – قال الله -- يا محمد إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله في وصاياه وشرائعه وحدوده ولا تكون للخائنين خصيما   أي لا تكن مع الخائنين خصيما للحق – إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً   -- واستغفر الله على ما بدر منك بمناصرة الخائنين -- ان الله كان غفورا رحيما – وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً   -- ولا تجادل يا محمد بالباطل عن الذين يختانون أنفسهم ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما -- إذن -- الطائفة التي خان...

رجال الأعراف

  من الاية 46 – 53 الأعراف   في المقالة السابقة وضعنا مقارنه بسيطة بين أهل النار وأهل الجنة –فوجدنا اختفاء حالات الغل والكراهية والحقد بين أهل الجنة –ونزعنا ما في صدورهم من غل – بينما نجد التراشق باللعنات والشتائم بين أهل النار – فإذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين استقر أهل النار في النار واستقر أهل الجنة في الجنة –وبينهما حجاب – حجاب غير مانع عن الرؤية - بل وهو فاصل   بين أهل النار وأهل الجنة يمكن من خلاله رؤية بعضهم البعض -- والا كيف نادى أصحاب الأعراف رجالا من أهل النار يعرفونهم بسيماهم – يعتقد البعض ان الأعراف هو مكان بين الجنة والنار يقف عليه رجال تساوت سيئاتهم مع حسناتهم – طبعا هذا اعتقاد خاطئ لان الله لم يذكر هكذا حاله في القران إنما ذكر مواقف مصيرية تنتهي   أما في النار وإما في الجنة -- وعلى الأعراف – الأعراف تعني المعارف يعني أشخاص يعرفون بعضهم بعض في الدنيا --   الأعراف هم رجال من أهل الجنة يعرفون أصحاب الجنة كل بسيماهم أي بإشكالهم -- ويعرفون أصحاب النار كل بسيماهم أي بإشكالهم التي كانوا يعرفونها في الدنيا – فنادى أصحاب الأعراف الذين هم في ا...

كذبة قتال الملائكة في معركة بدر

  من الاية 1 – 14 الأنفال حصل خلاف كبير بين المؤمنين على   أنفال معركة بدر - فمن المعروف عن   المعارك كل مقاتل يغنم - دابة و سلاح وأمتعة قتيله – أما يتركه الجيش المنهزم في المعركة   يخضع للتقسيم بين المقاتلين - فالخلاف كان على تقسيم الأنفال   - أرادت جهة ما ان تسولي على الغنائم دون غيرها   مدعية   فضلها في إحراز   النصر في المعركة –   فنزول سورة الأنفال جاء للرد على الذين ادعوا ان النصر نصرهم -أولا --   وثانيا - حددت آلية تقسيم الأنفال   --   فجاء المتخاصمون الى النبي يسألونه عن الأنفال –يسألونك عن الأنفال - الأنفال مفردها نفل وتعني الزيادة   أو ما بقي من غنائم المعركة التي لم تخضع للتقسيم – قل الأنفال الله والرسول – هذا يعني ان الغنائم ستبقى تحت تصرف الرسول الى حين البث في هذا الأمر   – فاتقوا الله – أي خافوا الله وتركوا الأطماع   وأصلحوا ذات بينكم   – وأطيعوا الله ورسوله في قرار التقسيم ان كنتم مؤمنين -- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ...

حساب الأمم يوم القيامة

  من الاية 34 – 39 الأعراف من هذه الآيات تبدأ سورة الأعراف التحضير لموقف أعراف يوم القيامة - لتوضيح الصورة أمام   المعتقدين بالطقوس الشيطانية كالتعميد والتعري والتحفي ودلك الأجساد - على أنها طقوس   كاذبة   وان الشيطان يحاول قدر المستطاع إيصال الإنسان الى النهاية الخاسرة لجمع اكبر عدد من الخاسرين من أمثاله --   من خلال فهمنا للآيات اتضح لنا ان الحساب يوم القيامة سيكون حساب أمم --أي كل أمه   تجتمع للحساب   حسب الوقت المحدد لها وفقا للتعاقب الزمني -- قال الله -- ولكل امة اجل أي وقت محدد للحساب فإذا جاء اجلهم لا يستخارون ساعة ولا يستقدمون -- وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ –   بعد ان صحح الله الاعتقادات   الشيطانية المزيفة التي ورثتها الشعوب من   أقوال الكهنة   ومن المورث الديني عن قصة ادم وزوجه وإبليس أصبح لديهم فضول لمعرفة السبل الكفيلة للنجاة من عذاب يوم القيامة – خاطب الله بني ادم - قائلا – يا بني ادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي – لماذا آياتي لان جميع ال...

أهل الجنة وأهل النار

  من الاية 40 – 45 الأعراف     قلنا سابقا --اتهمت آخر امة   دخلت النار الأمة التي قبلها على أنها هي السبب في إضلالهم   ردت عليها الأولى – وقالت--   علامة هذا الاتهام الذي تريدون من ورائه ان تكن لكم الأفضلية عند الله - فما كان لكم علينا من فضل - أي لا يوجد شيء يجعلكم   أفضل منها – قالت الأمة الأولى لأخر امة -- فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون -- وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ –   ادخل أهل النار- النار- وادخل أهل الجنة -الجنة - فكل من كان يعتقد ان هنالك مخرج من النار فليستمع الى   شرط الله ألتعجيزي - قال الله - ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء أي سقف نار جهم للنظر الى الأعلى بسبب   النار التي تغطيهم   من كل جانب - ولا يدخلون الجنة   حتى يلج الجمل في سم الخياط – الجمل حبل سميك يستخدم في تثبيت أشرعت القوارب والسفن - سم الخياط هي فتحة الخياط وليس الإبرة المعروفة الخياط اكبر حجما من الإبرة واسمك ويستخدم في حياكة حصر...

اليوم أكملت لكم دينكم

من الاية 1- 10 المائدة حرم الفكر الوثني الشركي لأهل مكة الكثير من الإنعام افتراء على الله فكانت تلك المحرمات تمارس تحت اسم الله ارضاءا للشريك وللأوثان التي يعبدونها   من دونه -- فخاض التنزيل معهم حوارات فكرية مختلفة أبطلت تلك المفتريات   – مجموعة الآيات أدناه من سورة الأنعام توضح افتراءات المشركين على الله -- {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ }الأنعام119 {وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأنعام138 {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَي...

ناقة صالح

  من الاية 73 – 84 الأعراف صالح أول   رسول يأتي بالدليل المادي لقومه بينما نوح وهود لم يقدما أي دليلا ماديا مجرد تذكير بألاء الله -- وهذا تحول جديد في إطار رسالات الرسل – والى ثمود أخاهم صالحا - قال - يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره -- إذن لديهم عدد من الآلهة يعبدونها من دون لله – قدم صالح لقومه الدليل المادي– قائلا-   قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب اليم – بعض الراويات تقول ان الناقة ولدت من صخرة كبيرة طبعا هذا الكلام غير عقلاني –   الهدف من اختيار صالح للناقة في مجتمع لا يهتم بتربية الإبل إنما في الزراعة فقط   هو لوضع نقطة فصل محورية بين المستكبرين من قومه وبين الله - معتبرا المعتدي عليها معتدي على الله --هذا من ناحية --ومن ناحية أخرى - ترك الناقة حرة في اختيار المراعي مع تخصيص يوما لسقيها سيجعلها عرضة للصوص قوم ثمود وعصابات السلب والنهب التي عاثت في الأرض فسادا   -- الملفت للنظر هو ان صالح له مكانة كبيرة في قومه لربما كان احد زعماء قوم ثمود فمن خلال قراءتنا للقران وجدنا ان قومه لم ...

أدوا الأمانات الى أهلها

من الاية 55 – 70  النساء كان طواغيت الذين هادوا من أهل الكتاب ينشرون طغيانهم الطائفي على آل بيت إبراهيم   بكل ما لديهم من افتراءات تاريخية وعقائدية– فأصحاب الجبت والطاغوت حسدوا المؤمنين على   فضل الله عليهم   بعد ان تبين لهم ان آل إبراهيم الحقيقيون هم المؤمنون بالله واليوم الآخر من العرب وآهل الكتاب – وخاصة بعد   ان صحح القران عقائد شبه الجزيرة العربية والتراكمات الوثنية على آل إبراهيم في مكة – وعقائد النصارى واليهود والتراكمات الوثنية على الدعوة الإنجيلية والتوراتية في المدينة – أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ البقرة140 -- لهذا ظهر الحسد العقائدي على المؤمنين -- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً   ...