من الاية 94- 102 الأعراف
قرئنا في مقالات سابقة خمسة قرى أرسل الله في كل قرية رسول وهم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب من خلال متابعتنا لتلك القرى نجد ان الله لم يتطرق في سورة الأعراف الى تفاصل كافية عن مجريات تلك الدعوات إنما اقتصر على مقتطفات سريعة وموجزة من يقرئها يعتقد ان الله تسرع بالقضاء عليهم أو لم يعطيهم الوقت الكافي لتغير عقائدهم – بالعكس ان الله أعطاهم الوقت الكافي لقد وضح ذلك بقوله – قال الله - وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء تغيرات قاهرة فيها انهيارات اقتصادية وآفات زراعية ومخاوف مجتمعية كالأوبئة ونقص في الأمن الغذائي كآيات تحذيرية قبل وقوع الهلاك – لعلهم يتضرعون أي ينكسرون خوفا من عذاب الله الدنيوي – ثم بدلنا السيئة مكان الحسنة أي غيرنا حالة البأساء والضراء الى ظروف أفضل فتحسنت أحوالهم على كافة المستويات حتى عفونا أي تركنا عذابهم – وقالوا – من هم الذين قالوا-- هم الجيل التالي الذي عاش حياة الرفاهية بعد ان أصاب آبائهم السراء والضراء –قالوا قد مس آباءنا البأساء والضراء – المفروض بالجيل الجديد عندما علم ان آبائهم مستهم البأساء والضراء بسبب صدهم عن سبيل الله وعدم تضرعهم له ان يأخذوا العبرة من تلك الأحداث غير أنهم لم يتضرعوا بل ساروا على عقيدة آبائهم فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون – مختصر مفيد للذي يعتقد ان الله تسرع في هلاك تلك الأمم – هو ان تلك القرى لم ينفع معها لا السيئة ولا الحسنة فلا علاج لهم إلا الهلاك – فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ{94} ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ{95}
ولو ان أهل القرى الخمسة امنوا وتقوا عذاب الله وخزيه الدنيوي لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض – بركة السماء تعني الماء وبركة الأرض تعني خيرات الأرض من نبات وثمار ولكنهم كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون – يكسبون هو كسب الأموال أو المنافع من وراء الآلهة التي يعبدونها من دون لله - يستفهم الله ما الثقة التي جعلت أهل القرى في مأمن من عذابه - علما هم على علم كامل بأخبار تلك القرى الغابرة - لربما القرية الأولى قوم نوح كأول قوم على وجه الأرض ولكن ما بال بقية القرى التي سمعت بهلاك من قبلها – قال الله - أَفَأَمِنَ أهل القرى ان يأتيهم باسنا بياتا أي ليلا وهم نائمون– أو امن أهل القرى ان يأتيهم باسنا ضحى أي نهارا وهم يلعبون – فالآلهة التي يعبدونها من دون لله جعلهم في مأمن من مكر الله على اعتقاد ان ما قرب الى الله من نبي أو ملك أو رجل صالح سيحول بين الله وبين عذابهم – هذا مما جعلهم في مأمن من مكر الله - ولكن بالنتيجة خسروا- لان الله مكر بهم فلم تنجيهم الآلهة التي يعبدونها– أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{96} أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ{97} أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ{98} أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ{99}
من خلال قرأتنا للتسلسل الزمني للقرى والرسل الخمسة وجدنا ان الله كلما بعث رسول في قرية ذكر أهلها بمن قبلهم مثلا - قال - عن قوم عاد وذكروا اذ جعلكم خلائف من بعد قوم نوح فالبشرية هو خلائف عن القرى الغابرة – حتى القرى التي لم يبعث الله فيهم رسل هم على علم بمصير من قبلهم فتراهم يتداولون أخبار خزيهم في مجالسهم وناديهم --أولم يهد – يهد يرجع الى الرشد – أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ان لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون – يا محمد تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين – دائما نسبة المؤمنين برسالة الأنبياء والرسل قليلة جدا إذا ما قورنت مع نسبة المعارضين – يتكلم الله عن الأكثرية - قائلا -وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ
يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم
بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ{100} تِلْكَ
الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم
بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ
كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ{101} وَمَا وَجَدْنَا
لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ{102}
تعليقات
إرسال تعليق