من الاية 54 – 58 الأعراف
روايات اعتقاديه متعددة تروي فترة خلق السماوات والأرض البعض منها يقول - ان الله خلق السماوات والأرض في سبعة أيام وأخرى تقول - في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع حسب روايات الكتاب المقدس – انهي الله جدلية تلك الاعتقادات بتحديده الفترة الزمنية وهي ستة أيام --قال الله - ان ربكم الله – حدد الله ذاته للخلق إشارة منه على ان الفترة لا يعلمها إلا هو – وهي ستة أيام - وانفراد بذاته في الخلق لإبطال مزاعم المعتقدين ان هنالك آلهته أو إلهه له دورا في خلق السماوات والأرض -- ان ربكم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي على العرش – استوي على العرش - كافية لإنهاء جدلية ألازمنه الاعتقادية المتعلقة بفترة خلق السموات والأرض – يعتقد البعض ان كلمة استوى على العرش تعني جلوس الرب على كرسي الإلوهية – طبعا هذا غير صحيح استوى على العرش – تعني إطلاق المخلوقات للاشتغال بإدارة طوعية ذاتية لتأدية وظائفها حسب الهداية التي أوكلت لكل واحد منهما - وذلك من خلال إتقان الصنع – فمنذ ان خلق الله الكون والحياة لم يتمكن أي إنسان في تعديل أي مخلوق وجعله غير مطابق لوظيفته الحياتية – يمكننا القول ان استوى على العرش تعني فرض السيطرة الكاملة على الكون بإدارة طوعية وذاتية وليس بإمكان لأي إلهة أو مخلوق التأثير على تلك الوظائف - ما يؤكد لنا على ذلك – التغيرات الظاهرية على الأرض الناجمة عن حركة الكواكب والنجوم حسب ألازمنه المحددة التي قدرها الله تقديرا - ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار – أي يغطي الليل النهار ولا يصح القول النهار يغشي الليل لان النهار مضيء والليل مظلم فالظلام هو من يغطي الإضاءة طبعا وذلك حسب حركة الأرض اليومية حول نفسها – يطلبه حثيثا أي ببطء حيث يتداخل الظلام مع الضياء حتى يغطيه بالكامل- والنهار عكس ذلك – والشمس والقمر مسخرات – اي سخرت لإحداث تلك الظواهر الكونية بإمرة إلا له الخلق والأمر وحده لم يشرك أحدا في خلقه - تبارك الله رب العالمين
إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{54}
قدرة الله الشمولية على إدارة الكون باشتغال طوعي جزء من الاستواء على العرش - فالكوكب والنجوم المسخرات بأمره خلقت خصيصا لإحداث الظواهر الطبيعية كالليل والنهار والفصول الأربعة – فعندما يضع المشركون أوثانهم وأصنامهم داخل المعابد لا يتضرعون ولا يدعون الله إلا من داخلها وعن طريق تلك الأوثان -- أما من خارج المعابد فيعتقدون لا وجود له – هذا يعني ان المشركين حددوا مكان وجود الله في المعابد قرب الآلهة-- والزمان هو أوقات تأدية الطقوس - وبهذا الاعتقاد جعلوا الله مسلوب العرش -- لا علم له بما يجري في الكون – قال الله – أدعو ربكم تضرعا بصوت مرتفع وخفية بصوت مهموس انه لا يحب المعتدين – المعتدين عليه بعبادة آلهة أخرى - إذن الاية تشير على ان الله ليس له مكان محدد ولا زمان محدد -- لذي طلب منهم الدعاء تضرعا وخفية من كل مكان وفي أي زمان -- إذن هو موجود في كل مكان وزمان وسر وجوده استوائه على العرش وإدارته للكون من خلال ظاهرتي الليل والنهار المتجددة يوميا
ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ{55}
جميع المفاسد على الأرض سببها العقائد الفاسدة المنسوبة الى الله - وما يترتب على تلك المفاسد من استغلال لقدرات الإنسان المالية والاقتصادية التي تستنزف على الطقوس والنذور والقيود المثقلة مقابل التكفير عن الخطيئة – فتمر الشعوب في حالة فساد أخلاقي وعقائدي مستمر لانعدام التوبة عن المعصية – بما ان تلك المفاسد تمارس تحت اسم الله فلا بد من نص ديني يرفع تلك المفاسد عن اسمه - قال - ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها بدعوات الرسل وادعوه خوفا منه وطمعا في رحمته ان رحمت الله قريب من المحسنين –
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ{56}
ولكي يرفع الله المفاسد عن اسمه ضرب للمشركين مثلا كدليل على إصلاحه الحقيقي – قائلا - وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته -- فرياح الإمطار هي بشرى بين يدي رحمة لله -- وهذه إحدى حالات استواء الله على العرش -- حتى إذا أقلت سحابا ثقالا - أقلت تعني جمعت الريح اكبر كمية من الغيوم استعدادا لتكوين السحب الثقيلة ومن ثم نقلها - وهذا كله بفعل الرياح التي تتحرك عكس حركة الغيوم فالرياح العكسية تجمع الغيوم لتكوين السحب الثقيلة – ثم تتغير حركة الرياح بشكل مفاجئ مع اتجاه حركة السحب لنقلها حيث يشاء الله -- سقناه الى بلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات – كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون – فالبعض يعتقد ان خروج الموتى من أجداثهم يتم عن طريق المطر – طبعا هذا غير صحيح لان النظام الكوني في تلك الساعة قد عطل بالكامل فما مقصود كذلك نخرج ألموتي هي مقارنه توافقية عقائدية بين قدرة الله على أحياء الأرض الميتة -- وبين إحياء الموتى يوم القيامة --
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{57}
استجابة الأراضي للمطر تختلف من بلد الى بلد أخر – فالبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه -- فالأرض الطيبة تعكس خيراتها على الشعوب فيعمها يسر العيش ورفاهية الحياة – أما البلد الذي لا يستحب للإمطار لا يخرج إلا نكدا ثمارا قليلة ورديئة مما يجعل العيش فيه صعبا وعسيرا - كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون – نصرف الآيات-- تعني نجعلها سهلة الفهم – وهذا المثل يقودنا الى مفهوم آخر إلا وهو دعوات الأنبياء فالشعوب الطيبة سرعنما تستجب لدعوات الرسل أما الشعوب الخبيثة لم يجنى منها غير الاستكبار والجحود
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ
نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً
كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ{58}
تعليقات
إرسال تعليق