التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الله والملائكة وادم وإبليس


من الاية 10 – 25 الأعراف 

قلنا في المقالة السابقة التي كانت بعنوان عالم الغيب - ان الإيمان المستقبلي بيوم القيامة لا يتحقق عقائديا ولا فكريا إلا بتصحيح الماضي الغيبي الديني - مثلا – لما عاصر أهل الكتاب صدر الإسلام - لم يؤمنوا بالقران حتى صحح عقائدهم المحرفة - عن طريق نقل الوقائع والأحداث الغيبية التي عاصرت أنبيائهم الى حاضر الدعوة الإسلامية – فالشعوب دائما ما تعتمد على الماضي  لبناء الحاضر فان حرًّف الماضي  فسد الحاضر – كما ان الماضي هو مسرحا للشياطين من مراجع ورجال دين لتحريف اعتقادات الشعوب فتراهم يستعينون به لتمرير أفكارهم الخبيثة على أساس ان ما يدعون إليه  مستنبط من الماضي  ليكسبونه قدسية وأصالة دينية من عمق التاريخ الديني – فمن الأحداث الغيبية التي حرفها الشياطين - حوار الله مع الملائكة - وحوار إبليس مع ادم - فانبثق عن ذلك التحريف - عقيدة الملائكة بنات الله - وإبليس طاووس الملائكة - ونار المجوسية –فتلك الاعتقادات الشيطانية انبثقت من الظن لعدم وجود أدلة منطقية تساعد الشعوب على إدراك ما هو حقيقي -  فالبشرية لا تعلم نشأت الكون ولا طبيعة الخلق - مما اضطر الإنسان الى استحدثت نظريات مختلفة عن بدايات التكوين بفرضيات بعضها علمية وأخرى اعتقاديه معظمها غير دقيقة التشخيص  -- يعتبر خلق الإنسان من ناحية الزمن الكوني مرحلة متطورة بالنسبة للمخلوقات الأخرى - ولقد سبق خلقه خلق السماوات الأرض والنظام الكوني بأوقاته وفصوله لتوفير وسائل التمكين على الأرض من مياه وهواء ونبات حيوانات استعدادا لخلق ادم –  خلق الله عالم الجن قبل خلق ادم - فالإنسان مخلوق متقدم بالنسبة لبقية المخلوقات – قال الله -- ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش – معايش تعني وسائل العيش ووسائل التمكين المختلفة  قليلا ما تشكرون-  فالإنسان لم يجابه ذلك التمكين ومبسطات العيش إلا بالقليل من الشكر- لان الشيطان كرس ما سخره الله للبشرية من إنعام ومحاصيل زراعية وإرباح وتجارة وأموال ونذور لشركاء الله وشركائهم  فما عاد يذكر اسمه عليها – قليلا ما تشكرون 

 وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{10}

بعد ان وفر الله كافة وسائل التمكين للبشرية على الأرض بدا بخلق ادم -- فقال -- ولقد خلقناكم ثم صورناكم أي أعطينا لكل مخلوق صورة تدل عليه كما أعطى لأدم صورة تختلف عن بقية المخلوقات – فهذه الاية تنسف نظرية دارون التي تعتقد ان أصل الإنسان قرد – فللقرد صورة وللإنسان صورة تختلفان عن بعضهما  -- وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ -- يعتقد البعض ان الله خلق ادم في السماء وطبعا هذا غير صحيح - لان مكونات خلقه لا توجد إلا على الأرض كالتراب والماء والمعادن والأملاح وكل مكونات الجسم الكيمائية –  فاختار الله الأرض من بين الكواكب لأنها أكثر ملائمة لحياة البشرية  - لم يخلق الله ادم في الجنة  إنما خلقه في مكان أخر على الأرض - ولكن اختار الجنة لسكن ادم وزوجه لأنها توفر كافة وسائل العيش دون جهد أو مشقة فالجنة نموذج مثالي للرفاهية على الأرض  - قال الله - وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ - فمن القصص الغيبية التي حملتها الأديان وبروايات مختلفة - قصة خلق ادم وحوار الله مع الملائكة --  هنا يجيب التميز بين حوار الله مع الملائكة لإقناعهم على اختيار خليفة في الأرض - وبين حوار الله مع إبليس - بين وحوار الله مع ادم – وبين حوار ادم مع إبليس  --

نأتي الى حوار الله مع الملائكة لاختيار خليفة للأرض -- وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{30} وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ -- بعد ان اقنع الله الملائكة  قال لهم اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين – ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ - قال ما منعك إلا تستجد اذ أمرتك  قال أنا خير منه  خلقتني من نار وخلقته من طين – قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ - من حديث الله مع الملائكة وإعراض إبليس عن السجود لأدم انبثقت عقائد شركية مختلفة ألفها الشياطين صدت البشرية عن طريق الحق -  منها الملائكة بنات الله عند المشركين العرب - وعبادة النار عند المجوسية التي اشتقت من قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين - ومن ابرز الخرافات التي استحدثت من حديث الله مع إبليس هي - خضوع  يسوع اله المسيحية تحت تجارب الشيطان على مدى أربعين يوما

وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{11} قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي

مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{12}

كما قلنا  خلق الله ادم على الأرض – فلما رفض إبليس السجود له - قال - فاهبط منها فما يكن لك ان تتكبر فيها - أي  في الأرض وسجود الملائكة لأدم أيضا كان على الأرض - فما يكن لك ان تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين - قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ – إبليس ليس من الملائكة إنما من الجن - قال الله --  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً– ولما طرد الله  إبليس من الأرض التحق بعالم الجن -- عالم الجن تم خلقه قبل خلق ادم –وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ -- وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ – إذن الحوار هو تجاذب بين الملائكة وإبليس  سببه اختيار ادم لخلافة الأرض انتهى بتمرد إبليس على ربه مختارا طريق الشر لصد أدم وذريته عن طريق من كان سببا في إغوائه - فقال -- قال انظرني الى يوم يبعثون انظرني جاءت من الانتظار أو الفت النظر عني الى يوم يبعثون الى يوم القيامة – استجاب الله لمطلبه فقال انك من المنظرين – اخذ إبليس يتوعد ادم وذريته - فقال - فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم – ثم لأتينهم من بين أيديهم أي من أمامهم ومن خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين – ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ -- قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن اتبعك منهم لأملان جهنم منكم أجمعين - قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ – كلمة مذؤوما تختلف عن كلمة مذموما – كلمة مذؤوما جاءت مع طرد إبليس من الأرض – مذؤوم – ذئم  ذاءم  - مذؤوما مدحورا – فقد كل شيء ولم يجني غير الخيبة والخسران والبغض الأبدي الذي يلاحقه هو وإتباعه على لسان الصالحين من الجن والإنس الى يوم يبعثون -- قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ

 قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13} قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{14} قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ{15} قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ{16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{17} قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ{18}

 انتهت تسمية إبليس بعد توعده لأدم وذريته واستبدلت بكلمة الشيطان – قال الله - ويا ادم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين – فوسوس لهما الشيطان  فالوسوسة هنا محاكاة سرية أوحى بها الشيطان الى ادم وزوجه لعدم امتلاكهما ثوابت عقائدية ولا محرمات - سوى لا تقربا هذه الشجرة -  ليبدي لهما ليكشف لهما ما ووري ما خفي عنهما من سوئتهما – سوئتهما  تعني سوءة ادم وسوءة زوجه  سوءة جاءت من السوء سوءة -  فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا - فالشيطان أراد ان يلبسهما السوءة على اعتقاد منه ان ادم وزوجه سوف يقابلان السوءة بسوءة أخرى كبديل عن التوبة – وفعلا حصل ذلك عندما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة للخلاص من السوءة -  انتباه – هنا يكمن دور الشيطان فعندما يقع الإنسان في الخطيئة لا يرشده الى طريق التوبة والمغفرة للخلاص منها -- إنما يرشده الى أشياء تجعله يعتقد أنها مكفره للخطيئة – والهدف من ذلك هو لديمومة الخطيئة عند البشرية ليجمع الشيطان اكبر عدد من الخاسرين من أمثاله -- ولكي يجر الشيطان ادم وزوجه الى السوءة  - قال لهما - مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ -- فالشيطان قلب الموازين أمام ادم وزوجه موهما إياهما بان الله لا يريد ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين –  وتأكيدا منه على نصحه لهما - قاسمهما أي أدى القسم لهما إني لكم لمن الناصحين – وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ  -

 وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ{19} فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ{20} وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ{21}

 تحت مغريات الملوكية والخلود اقنع الشيطان ادم وزوجه بغرور -- فدلاهما بغرور فلما ذقا الشجرة بدت ظهرت لهما سوءاتهما من خلال الشعور بالخطيئة  - وطفقا - طفقا تعني أسرعا الى فعل شيء لتلافي خطيئتهما – فالشيء الذي اعتقدا انه هو الأصح أخذا يخصفان عليهما من ورق الجنة  - فالخصف هي حياكة أوراق الأشجار ومن ثم ارتدائها  اعتقاد منهما هي السبيل الوحيد للتخلص من السوءة أو الخطيئة – فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ - خصف الأوراق أسلوب من أساليب التعميد من الخطيئة – هنالك أساليب أخرى مكفره للخطيئة حسب اعتقاد بعض الأديان كالماء المقدس والزيت المقدس والغطس في ماء الأنهر والبحار  - وناداهما ربهما الم أنهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين – وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ -- قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين  --  وهنا دحر الشيطان لان ادم وزوجه  صححا سوءتهما بالتوبة والمغفرة  -- قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ –هذه الاية تنسف عقيدة الفدى اليسوعية التي تعتقد ان يسوع صلب من اجل حمل بدمه خطيئة ادم والبشرية  - قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين – فالعداوة أزلية بين المؤمنين من علم الجن والشياطين من عالم الجن – والمؤمنين من عالم الإنس والشياطين من عالم الإنس –  ولكن هنالك تأثير شيطاني بين شياطين الإنس وشياطين الجن عن طريق الإيحاء -- يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا -- قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ --  قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون - قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ -- قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ

فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ{22} قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{23} قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{24} قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ{25}

 

تعليقات

طلعت خيري

الأبعاد السياسية من نقل السفارة الأمريكية الى القدس

الأبعاد السياسية من نقل السفارة الأمريكية الى القدس فقد المسيحييون الشرقييون  الارثذوكسييون  مسارهم الديني المقدس الممتد من القدس الى اليونان مرورا بتركيا والمتمثل بأوربا الشرقية بعد إعلان ترامب نقل السفارة الأمريكية الى القدس فكان الإعلان رصاصة الرحمة  على التراث المسيحي الشرقي في فلسطين -- فما عاد تعريب الكنائس يجدي نفعا –الأمر لا يقتصر على المسيحيين فقط بل حتى المسلمين فقد باتوا عاجزين عن فعل شيء—نستذكر من التراث الإسلامي السياسي بعض الأحاديث النبوية المكذوبة على رسول الله والتي توضح تحالف إسلامي مسيحي ضد اليهود في أخر الزمان المتمثل بنزول عيسى ابن مريم –وكسره للصليب والصلاة بالأنبياء والمؤمنين– ليقفوا صفا واحدا ضد اليهود –فالكذب الديني  السياسي الإسلامي والمسيحي جاء بنتيجة مغلوطة على شعوب المنطقة ---أنهت المسلمين والمسيحيين الشرقيين وأنهت أيضا كافة حركات التحرر اليسارية والشيوعية والاشتراكية التي ناصرت القضية الفلسطينية لعقود كثيرة –نقل السفارة له أبعاد سياسيه شامله لكل المسيحيين المعتقدين بالمجيء الأول والثاني والطامحين بعودة القدس للحاضة  المسيح...

ولا تكن للخائنين خصيما

من الاية 105 – 113 النساء لا نعرف ما حقيقة المشكلة التي جادل عنها النبي وأصحابه باتخاذهم موقفا مناصرا لها – بما ان مواضيع الآيات التي سبق هذا الموضوع تتكلم عن مكافحة المرتدين مع الحذر من قتلهم   خطأ أو تعمدا -- إلا بعد التأكد -   فمن المحتمل ان طائفة ما اخترقت تلك التحذيرات فقتلت مرتدين مما أدى الى تذرع القتلة بعدم علمهم أو جهلهم بالحقيقة – المهم تلك الطائفة خانت الله في تعاليمه فأول من ناصرها النبي وأصحابه – قال الله -- يا محمد إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله في وصاياه وشرائعه وحدوده ولا تكون للخائنين خصيما   أي لا تكن مع الخائنين خصيما للحق – إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً   -- واستغفر الله على ما بدر منك بمناصرة الخائنين -- ان الله كان غفورا رحيما – وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً   -- ولا تجادل يا محمد بالباطل عن الذين يختانون أنفسهم ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما -- إذن -- الطائفة التي خان...

رجال الأعراف

  من الاية 46 – 53 الأعراف   في المقالة السابقة وضعنا مقارنه بسيطة بين أهل النار وأهل الجنة –فوجدنا اختفاء حالات الغل والكراهية والحقد بين أهل الجنة –ونزعنا ما في صدورهم من غل – بينما نجد التراشق باللعنات والشتائم بين أهل النار – فإذن مؤذن بينهم ان لعنة الله على الظالمين استقر أهل النار في النار واستقر أهل الجنة في الجنة –وبينهما حجاب – حجاب غير مانع عن الرؤية - بل وهو فاصل   بين أهل النار وأهل الجنة يمكن من خلاله رؤية بعضهم البعض -- والا كيف نادى أصحاب الأعراف رجالا من أهل النار يعرفونهم بسيماهم – يعتقد البعض ان الأعراف هو مكان بين الجنة والنار يقف عليه رجال تساوت سيئاتهم مع حسناتهم – طبعا هذا اعتقاد خاطئ لان الله لم يذكر هكذا حاله في القران إنما ذكر مواقف مصيرية تنتهي   أما في النار وإما في الجنة -- وعلى الأعراف – الأعراف تعني المعارف يعني أشخاص يعرفون بعضهم بعض في الدنيا --   الأعراف هم رجال من أهل الجنة يعرفون أصحاب الجنة كل بسيماهم أي بإشكالهم -- ويعرفون أصحاب النار كل بسيماهم أي بإشكالهم التي كانوا يعرفونها في الدنيا – فنادى أصحاب الأعراف الذين هم في ا...

كذبة قتال الملائكة في معركة بدر

  من الاية 1 – 14 الأنفال حصل خلاف كبير بين المؤمنين على   أنفال معركة بدر - فمن المعروف عن   المعارك كل مقاتل يغنم - دابة و سلاح وأمتعة قتيله – أما يتركه الجيش المنهزم في المعركة   يخضع للتقسيم بين المقاتلين - فالخلاف كان على تقسيم الأنفال   - أرادت جهة ما ان تسولي على الغنائم دون غيرها   مدعية   فضلها في إحراز   النصر في المعركة –   فنزول سورة الأنفال جاء للرد على الذين ادعوا ان النصر نصرهم -أولا --   وثانيا - حددت آلية تقسيم الأنفال   --   فجاء المتخاصمون الى النبي يسألونه عن الأنفال –يسألونك عن الأنفال - الأنفال مفردها نفل وتعني الزيادة   أو ما بقي من غنائم المعركة التي لم تخضع للتقسيم – قل الأنفال الله والرسول – هذا يعني ان الغنائم ستبقى تحت تصرف الرسول الى حين البث في هذا الأمر   – فاتقوا الله – أي خافوا الله وتركوا الأطماع   وأصلحوا ذات بينكم   – وأطيعوا الله ورسوله في قرار التقسيم ان كنتم مؤمنين -- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ...

حساب الأمم يوم القيامة

  من الاية 34 – 39 الأعراف من هذه الآيات تبدأ سورة الأعراف التحضير لموقف أعراف يوم القيامة - لتوضيح الصورة أمام   المعتقدين بالطقوس الشيطانية كالتعميد والتعري والتحفي ودلك الأجساد - على أنها طقوس   كاذبة   وان الشيطان يحاول قدر المستطاع إيصال الإنسان الى النهاية الخاسرة لجمع اكبر عدد من الخاسرين من أمثاله --   من خلال فهمنا للآيات اتضح لنا ان الحساب يوم القيامة سيكون حساب أمم --أي كل أمه   تجتمع للحساب   حسب الوقت المحدد لها وفقا للتعاقب الزمني -- قال الله -- ولكل امة اجل أي وقت محدد للحساب فإذا جاء اجلهم لا يستخارون ساعة ولا يستقدمون -- وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ –   بعد ان صحح الله الاعتقادات   الشيطانية المزيفة التي ورثتها الشعوب من   أقوال الكهنة   ومن المورث الديني عن قصة ادم وزوجه وإبليس أصبح لديهم فضول لمعرفة السبل الكفيلة للنجاة من عذاب يوم القيامة – خاطب الله بني ادم - قائلا – يا بني ادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي – لماذا آياتي لان جميع ال...

أهل الجنة وأهل النار

  من الاية 40 – 45 الأعراف     قلنا سابقا --اتهمت آخر امة   دخلت النار الأمة التي قبلها على أنها هي السبب في إضلالهم   ردت عليها الأولى – وقالت--   علامة هذا الاتهام الذي تريدون من ورائه ان تكن لكم الأفضلية عند الله - فما كان لكم علينا من فضل - أي لا يوجد شيء يجعلكم   أفضل منها – قالت الأمة الأولى لأخر امة -- فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون -- وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ –   ادخل أهل النار- النار- وادخل أهل الجنة -الجنة - فكل من كان يعتقد ان هنالك مخرج من النار فليستمع الى   شرط الله ألتعجيزي - قال الله - ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء أي سقف نار جهم للنظر الى الأعلى بسبب   النار التي تغطيهم   من كل جانب - ولا يدخلون الجنة   حتى يلج الجمل في سم الخياط – الجمل حبل سميك يستخدم في تثبيت أشرعت القوارب والسفن - سم الخياط هي فتحة الخياط وليس الإبرة المعروفة الخياط اكبر حجما من الإبرة واسمك ويستخدم في حياكة حصر...

اليوم أكملت لكم دينكم

من الاية 1- 10 المائدة حرم الفكر الوثني الشركي لأهل مكة الكثير من الإنعام افتراء على الله فكانت تلك المحرمات تمارس تحت اسم الله ارضاءا للشريك وللأوثان التي يعبدونها   من دونه -- فخاض التنزيل معهم حوارات فكرية مختلفة أبطلت تلك المفتريات   – مجموعة الآيات أدناه من سورة الأنعام توضح افتراءات المشركين على الله -- {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ }الأنعام119 {وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأنعام138 {وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَي...

ناقة صالح

  من الاية 73 – 84 الأعراف صالح أول   رسول يأتي بالدليل المادي لقومه بينما نوح وهود لم يقدما أي دليلا ماديا مجرد تذكير بألاء الله -- وهذا تحول جديد في إطار رسالات الرسل – والى ثمود أخاهم صالحا - قال - يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره -- إذن لديهم عدد من الآلهة يعبدونها من دون لله – قدم صالح لقومه الدليل المادي– قائلا-   قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب اليم – بعض الراويات تقول ان الناقة ولدت من صخرة كبيرة طبعا هذا الكلام غير عقلاني –   الهدف من اختيار صالح للناقة في مجتمع لا يهتم بتربية الإبل إنما في الزراعة فقط   هو لوضع نقطة فصل محورية بين المستكبرين من قومه وبين الله - معتبرا المعتدي عليها معتدي على الله --هذا من ناحية --ومن ناحية أخرى - ترك الناقة حرة في اختيار المراعي مع تخصيص يوما لسقيها سيجعلها عرضة للصوص قوم ثمود وعصابات السلب والنهب التي عاثت في الأرض فسادا   -- الملفت للنظر هو ان صالح له مكانة كبيرة في قومه لربما كان احد زعماء قوم ثمود فمن خلال قراءتنا للقران وجدنا ان قومه لم ...

أدوا الأمانات الى أهلها

من الاية 55 – 70  النساء كان طواغيت الذين هادوا من أهل الكتاب ينشرون طغيانهم الطائفي على آل بيت إبراهيم   بكل ما لديهم من افتراءات تاريخية وعقائدية– فأصحاب الجبت والطاغوت حسدوا المؤمنين على   فضل الله عليهم   بعد ان تبين لهم ان آل إبراهيم الحقيقيون هم المؤمنون بالله واليوم الآخر من العرب وآهل الكتاب – وخاصة بعد   ان صحح القران عقائد شبه الجزيرة العربية والتراكمات الوثنية على آل إبراهيم في مكة – وعقائد النصارى واليهود والتراكمات الوثنية على الدعوة الإنجيلية والتوراتية في المدينة – أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ البقرة140 -- لهذا ظهر الحسد العقائدي على المؤمنين -- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً   ...