من الاية 26 – 33 الأعراف
قلنا ان العداوة باتت أزلية بين الشيطان وبين ادم وذريته - وهنالك تأثير شيطاني بين شياطين الإنس وشياطين الجن عن طريق الإيحاء -- يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا – وقلنا أيضا ان دور الشيطان يتمركز على الخطيئة فهو من يدفع الإنسان الى الوقوع بها - ثم يتركه يبحث عن طرق للتخلص منها - بعدها يكون له بالمرصاد فلا يدله على طريق التوبة والمغفرة -- إنما يدله على أشياء تجعله يعتقد أنها مكفره للخطيئة – وبهذه الطريقة يبقى الإنسان في استمرارية عليها دون دليل على زوالها -- وهذا هو هدف الشيطان لجمع اكبر عدد من الخاسرين من أمثاله ليوم القيامة -- أخذت العداوة بين الإنسان والشيطان أشكالا مختلفة - وظهرت أكثر من طريقة للإغواء - كما ظهرت أكثر من طريقة للتكفير عن الخطيئة.. من المعتقدات التي ابتدعها الشيطان للتكفير عن الخطيئة – هي- التعميد.. والصلب... والتعري.. ودلك الأجساد بأشياء مقدسه.. وخلع الملابس... وقتل النفس - والانتحار.. فيأتي صاحب الخطيئة سنويا الى أماكن التعميد والأنهر والبحار أو الى المعابد للتكفير عنها عبر طقوس مختلفة.. ثم يعود مرة أخرى الى نفس الخطيئة اعتقاد منه ان تلك الطقوس حطت عنه خطيئته.....
تتخذ الطقوس الشيطانية أشكالا مختلفة حسب الرواية التي ينقلها الموروث الديني البعض منها معنوي والبعض الآخر واقعي.. تعتمد الطقوس المعنوية على بعض الخرافات الاعتقادية ... ولا تطبق في المعابد للتكفير الخطيئة .. إنما على شكل كرنفال أو احتفالا سنويا تؤدى في الشوارع والساحات العامة كالمعتقدات التي يقوم بها الصينيون واليابانيون وبعض الدول الشرق أسيوية لطرد الأرواح الشيطانية أو الأرواح الشريرة ...
الطقوس الواقعية هي التي تصور الخطيئة على ارض الواقع من منطلقات دينيه حسب ما يراه المعتقد.. حيث ان بعض الشعوب تمثل الخطيئة واقعيا وفق ما حصل لأدم وزوجه للتكفير عنها - ومن تلك طقوس هي خلع الملابس والتعري داخل المعابد لدلك الأجساد بما يسمى الزيت المقدس أو الماء المقدس أو الغطس بالماء .. على أساس ان ادم وزوجه لما ارتكبا الخطيئة .. دلكا جسديهما بورق الجنة وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ . معتقد أخر يقول . ان عورتا ادم وزوجه كانتا محجوبة عن الرؤيا اي لا يرى احدهم عورة الأخر .. فعندما وقعا بالخطيئة انكشفت لهما عورتهما وأخذا يستتران بورق الجنة -- فمن ازدواجية أصحاب تلك الطقوس الباطلة أنهم يكررون نفس الخطيئة التي وقع فيها ادم وزوجه حسب اعتقادهم فيعبرون عن تكفير الخطيئة بالتعري ...صحح الله تلك الاعتقادات ليقول لهم ان أدام وزوجه لم ينزعا لباسهما – قائلا– فوسوس لهما الشيطان - ليبدي لهما ليكشف لهما ما ووري ما خفي عنهما من سوئتهما – أي ان سوءتهما كانت مخفية عنهما ولكن الشيطان أظهرها لهما ليلبسهما السوءة على اعتقاد منه ان ادم وزوجه سوف يقابلان السوءة بسوءة أخرى كبديل عن التوبة – وفعلا هذا ما حصل عندما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة - فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا -- السوءة هي ليس العورة -- فالشيطان نزع عن بني ادم لباسهم وعراهم وصور لهم السوءة على أنها عورة – ولتصحيح الاعتقاد رد الله على الذين يعتقدون ان السوءة هي العورة – قائلا - لما كانت الخطيئة سببا في ظهور العورة لماذا تخطئون ثم تعودون الى التعري تكفيرا عنها -- وقد تعلمون ان الله وفر لكم بعض الأشياء التي تصنعون منها الملابس - قائلا – قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم أي عورتكما حسب اعتقادهم - أي خلقنا أشياء تصنعون منها ملابسكم لتستتروا بها وريشا الذي تخذون منه الملابس الفاخرة.. فلماذا تتعرون أمام الشيطان كما فعل أبويكم من قبل -- ولكن يبقى لباس التقوى والابتعاد عن المعاصي هو السبيل الوحيد للخلاص من الخطيئة -- وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ - ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ{26}
خاطب الله الذين يعتقدون ان السوءة هي العورة –قائلا—يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليرهما سوءتهما – يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا -- في بداية حديث ادم مع إبليس لم يقل الله ينزع عنهما لباسهما إنما قل ليبدي لهما ما ورري من سوءتهما هذا من باب تصحيح الاعتقاد – تابع كيف انتهك شياطين الطقوس حرمات الإنسان باسم الخطيئة والتي صورت على أنها خلع للملابس ولبسها أو استبدالها بملابس أخرى .على اعتقاد ان ادم وزوجه عندما ارتكبا الخطيئة نزع عنهما لباسيهما ودلكا جسديهما بأوراق الجنة... فترى شياطين الطقوس والمعابد يجلسون في مكان خفي ينظر الى أجسادكم بشغف جنسي -- انه يراكم هو وقبيلة من حيث لا ترونهم .. إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ – فان أولياء الشياطين الذين يتبعون طقوس شياطينهم - لا يؤمنون بحقيقة ما انزل الله - لأن ذلك يحيد بينهم وبين رغباتهم الجنسية وحرياتهم الشخصية -- أنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون
يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ{27}
بعض الأفكار الشيطانية صورت الخطيئة على أنها خطيئة فطرية للتزاوج على اعتقاد ان ادم وزوجه ارتكبا الخطيئة بتعمد لتنكشف لهما عوراتهما ليبدأن بالاتصال الجنسي وتحت هذه الذريعة تم إباحية الزنا والفاحشة دون حياء فأصبحت الفاحشة تمارس تحت غطاء ديني
أبعاد الطقوس الشيطانية
1- الإباحية الجنسية من منطلق ديني ان ادم اتصل بحواء جنسيا وارتكب الخطيئة
متعمدا من اجل ذلك الاتصال
2- التعري في الأماكن العامة من منطلق ديني .ان حواء فتنة أدام بعد ان نزع
الشيطان عنهما لباسهما وظهر جسدها الجميل ليقع في فتنتها
3- وصل الفساد الى دور العبادة حيث صورت الخطيئة على شكل أفلام إباحية بأزياء دينيه داخل المعابد ..وهذا دليل على تقديس الفاحشة ..
تلك الأفكار الشيطانية مدعومة بنصوص دينية مقدسة منسوبه الى الله جاءت على لسان الشريك أحلت الفاحشة - فقالوا -- وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها أبائنا .. اي ورثناها عن دين أبائنا .. أو الله أمرنا بها ... بما ان الله لم يأمر بالفاحشة أذن هنالك جهة شيطانية سوقت تلك الأكاذيب - ليكون الاعتقاد كالتالي -- الله يأمر بالفاحشة لان ابنه المصلوب يحملها -- أو الله يأمر بالفاحشة لاْن الملائكة بناته يحملنها – وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا - فما يقدمه شركاء الأوثان لابن الله وبناته من نذور وقرابين وأموال وأطعمة داخل المعابد ان هو إلا تكفيرا عن الفاحشة التي يرتكبونها ... أتقولون على الله ما لا تعلمون – قل يا محمد للذين يعتقدون ان الله أمر بالفاحشة -- قل أمر ربي بالقسط اي بالعدل الناهي عن الفاحشة -- وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد أي للصلاة - لا للتكفير عن لخطيئة – فالخطيئة لا تكفر إلا بالتوبة -- ودعوه مخلصين له الدين – ادعوه مخلصين بقبول التوبة والتجاوز عن السيئات -- كما بدأكم للحياة تعدون إليه بعد الموت -- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ – فريقا هدى اتبع طريق الحق وفريقا حق عليهم الضلالة أنهم اتخذوا الشياطين أولياء ويحسبون أنهم مهتدون -- فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{28} قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ{29} فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ{30}
من الطقوس الشيطانية التي ابتدعها شياطين الإنس والجن للتكفير عن الخطيئة هي التحفي والتعري فكان الناس يطفون حول الكعبة حفاة عراة وتحت هذا المعتقد فرضت الوثنية عليهم طقوسا هادرة للأموال ومسرفة للطعام ومغالية للنذور والهدي - فجردوا الناس من أموالهم ومعايشهم حتى باتت تلك الطقوس نفعية ومصدرا اقتصاديا للرأسماليين والتجار والكهنة وزعماء القبائل - والخاسر هو الإنسان البسيط الذي فقد ماله ومعايشه وعرى جسده وادمي قدمه وارث شكله وهيئته تكفيرا عن خطيئته - خاطب الله بني ادم-- قائلا – يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد - وتعني زينة الملابس - وكلوا وشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين – وكلوا وشربوا من الطيبات بدلا من تحريمها - ولا داعي للإسراف من اجل تكفير الخطيئة -- يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ – بما ان المحرمات والإسراف من دواعي الشيطان نسبه الوثنيون الى الله -- رد الله على أكاذيبهم – قائلا -- قل لهم يا محمد -- من حرم زينة الله التي أخرجها لعباده -- أخرجها تعني خلقها كمواد أوليه في الحيوانات والنباتات يستخرجها الإنسان لصنع ملابسه --والطيبات من الرزق – قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة -- وكذلك مثلها في يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون - قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{31} قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{32}
جميع الطقوس التي ذكرنها أعلاه فيها انتهاك لحقوق الإنسان باسم الدين من سلب للأموال وتبذير للمعايش وتحريم للطيبات والتعري والتحفي -- يؤديها المعتقد سنويا للتكفير عن الخطيئة - وبهذا الطريقة يعتقد انه أدى ما عليه اتجاه خالقه حسب فهمه للدين – أما الأمور الأخرى فهي مباحة له حسب اعتقاده - كالفاحشة والشرك والبغي وغيرها -- رد الله على المعتقدين بتلك الازدواجية – قائلا -- قل يا محمد -- أنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن السرية والعلنية - والإثم المعصية - والبغي بغير حق والاعتداء دون سبب - وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا أي ان تجعل مع الله شريكا في العبادة دون دليلا - وان تقولوا على الله ما لا تعلمون -- قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا
بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا
لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ
تَعْلَمُونَ{33}
تعليقات
إرسال تعليق