من الاية 146 – 154 الإنعام
لربط مواضيع الآيات مع بعضها البعض نذًّكر ما قلناه في المقالة السابقة التي كانت بعنوان محرمات أحلها الله – قلنا -- شرع الفكر الوثني الشركي لأهل مكة أنواع مختلف من المحرمات افتراء على الله - منها – وقالوا - هذه إنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء -- تعني محجوزة لا يسمح التصرف بها ولا يأكل منها إلا لمن خصصت له حسب مزاعمهم -- وإنعام حرمت ظهورها وهي منطقة ما بين الكتفين والفخذين أعلى الظهر -- وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها – فهم يحرمون ذكر اسم الله عليها كي لا يجعلوا له نصيبا منها –أولا - وثانيا - إذا ذكر اسم الله عليها حرم أكلها -- افتراء عليه سيجزيهم بما كانون يفترون
وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{138}
صنف الفكر الوثني الشركي لأهل مكة محرمات أخرى افتراء على الله -- وقالوا -- ما في بطون هذه الإنعام خالصة لذكورنا تعني تخصيص ولادات بعض إناث الإنعام للذكر فقط ومحرم على أزوجنا وان يكن ميتة - سواء مات في بطن الأنثى أو أثاء الولادة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم انه حيكم عليم --
وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ{139}
بعد ان عرى الله محرمات الذين أشركوا من أهل مكة انتقل الى تعرية محرمات الذين أشركوا من الذين هادوا – من هم الذين هادوا - الذين هادوا ليس هم اليهود إنما هم طائفة من بني إسرائيل تحمل آيات كتاب موسى – ظهرت بعد ميثاق الميقات وعلى أثره انقسم بني إسرائيل في الصحراء الى قسمين – القسم الأول - اتبع المنهاج القومي القبلي وهم أسباط بني إسرائيل - والقسم الثاني - اتبع المناهج الديني العقائدي هم الذين هادوا استنادا الى قولهم عند الميقات إنا هدنا إليك أي رجعنا إليك - قال الله - وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ{155} وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ
كما قلنا ان الذين هادوا ليس هم اليهود إنما هم طائفة أمنت بالله بعد ميثاق الميقات أطلقت على نفسها الذين هادوا نسبة الى قولهم إنا هدنا إليك -- فتلك الطائفة هي من حولت نسخ ألواح الطين التي كتبها موسى عن ربه في الصحراء الى كتاب أطلقوا عليه اسم كتاب موسى - بقي الذين هادوا يحملون كتاب موسى الى القرن الأول الميلادي ومن أهم الأمور العقائدية التي تمسكوا بها هي وصايا موسى سنتطرق إليها لاحقا -- وبعد نزول التوراة على يحيى ابن زكريا أعاد الله ذكر قصص موسى مع بني إسرائيل وصاياه في الألواح - فأصبح كتاب موسى جزء من آيات التوراة -- أثمرت الدعوة التوراتية في الذين هادوا عن بروز طائفة مؤمنه أطلقت على نفسها النبيون والربانيون والأحبار – قال الله -- {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44
ونتيجة لظلم وبغي الذين هادوا سلط الله عليهم شياطين من جنسهم حرموا عليهم طيبات أحلت لهم -- فمن الأطعمة التي حرمت عليهم – حرمنا كل ذي ظفر أي الطيور بكل أنواعها - وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ - ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها تعني الشحوم الخالصة كشحوم الذنب وشحوم البطن باستثناء شحوم الظهر - وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا -- أو الحويا تعني حويا الشحوم ما فوق الكليتين أو ما اختلط بعظم هي أضلع الصدر والتي تعتبر ضمن الحويا - ذلك جزيناهم بغيهم وانأ لصادقون – أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ -- من يقرا هذه الاية يعتقد ان الله حرم عليهم تلك الأطعمة -- الله لم يحرم عليهم شيء -- ولكن لأنهم نسبوا تلك المحرمات الى الله ودعوا على أنها من وصايا كتاب موسى عاقبهم على بغيهم وظلمهم بإبقائهم على تلك المحرمات -- ذلك جزيناهم بغيهم وإنا الصادقون – فلا خيار أمامهم إلا الإيمان بما حرمه الله في القران كالميتة ولحم الخنزير والدم المسفوح أو فسقا أهل لغير لله
وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ{146}
فان كذبوك يا محمد فيما حرمناه في كتاب القران - كالميتة ولحم الخنزير والدم المسفوح أو فسقا أهل لغير لله - فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد باسه أي عذابه عن القوم المجرمين – فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ - بنفس الذريعة التي تذرع بها مشركي العرب تذرع بها الذين هادوا -- طبعا سبب شركهم لأنهم اتبعوا شياطينهم في تحريم الكثير من الطيبات - سيقول الذين أشركوا من الذين هادوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا باسنا – ما يؤكد لنا على ان المحرمات أعلاه في الاية 146 مفترا على الله وعلى وصايا موسى -- قل يا محمد للذين هادوا - هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون إلا الظن وان انتم إلا تخرصون – تخرصون تعني إسكات المتلقي للدين بأدلة شيطانيه ترغم المعتقد على التصديق بالأمور الاعتقادية كالمحرمات
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ{147} سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ{148}
بعد ان عجز الذين هادوا من الإتيان بالدليل أو الحجة على صدق ما يتبعون من محرمات -- قل يا محمد للذين هادوا -- لله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين – قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ - ما يؤكد لنا على ان المحرمات أعلاه في الاية 146 مفترا على الله وعلى نبيه موسى -- قل يا محمد للذين هادوا - هلم شهداءكم الذين يشهدون ان الله حرم هذا - فان شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون – يعدلون تعني يجعلون تعادل ومساواة بين الله وبين شركائهم من شياطين الإنس
قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ{149} قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هَـذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ{150}
دعا الله الذين هادوا الى حقيقة ما محرمه عليهم والتي كتبها موسى في الألواح عن ربه والتي أصبحت لاحقا جزء من آيات كتاب التوراة – قل يا محمد للذين هادوا -- تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
1- حرم
الشرك به -- أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً
2- حرم عقوق الوالدين -- وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَاناً
3- حرم قتل
الأولاد خوفا من الفقر-- وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ
نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ
4- حرم
الفواحش العلنية والسرية -- وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ
5- حرم
قتل النفس إلا بالحق -- وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ
إِلاَّ بِالْحَقِّ
6- حرم أكل
مال اليتيم --- وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ
7- حرم
بخس الناس أشيائهم -- وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ
8- حرم
قول الزور -- وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
9- حرم عليهم نقض عهد الله وميثاقه -- وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ
قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{151} وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{152}
بعد انشقاق الدعوة الإنجيلية في القرن الثالث الميلادي تفكك الحواريون الى طوائف حيث رجعت كل طائفة الى أصلها – رجع الأسباط القوميون من بني إسرائيل الى التوراة -- كما رجع الذين هادوا الى كتاب موسى المذكور في التوراة -- ورجع الإنجيليون الى النصارى نسبة الى أنصار عيسى ابن مريم -- وصلت تلك الطوائف الى صدر الإسلام هم يحملون نعرة طائفية وقومية وعقائدية لم يبقى لديهم معلم واحد من معالم التوراة والإنجيل – وهذا أشبه بحال المسلمين اليوم لم يبقى لديهم معلم واحد من معالم القران سوى التراثيات - ولكي يعيد الله تلك الطوائف ومنها الذين هادوا الى جادة الصواب -- قال الله -- وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل أي طريق الطوائف فتتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون – تتقون تتجنبون عذاب الله يوم القيامة -
وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{153}
ولكي يؤكد الله للذين هادوا علمه
الغيبي بأصول دعوتهم نقل لهم آية من آياته التي كتبها موسى في الألواح والتي أصبحت
لاحقا من آيات التوراة – قال – ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن
وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون - ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ
تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى
وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ{154}
تعليقات
إرسال تعليق