من الاية 136 – 145 الإنعام
نوضح الآلية التي اتبعها المشركين في تقسيم محاصيلهم الزراعية وثرواتهم الحيوانية والكيفية التي تم فيها استخراج نصيب لله ونصيب الشركاء وطريقة إنفاقه -- قال الله - وجعلوا لله مما ذرا من الحرث والإنعام نصيبا - ذرا يذري يذر—ذرا- تعني ما كثر وانتشر على سطح الأرض من إنسان وحيوان ونبات - وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً -- فقالوا – هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا - يقسم المشركون النصيب المستخرج من المحاصيل والإنعام الى قسمين - قسم لله - والقسم الآخر لشركائهم -- فالمقصود بشركائهم هم الملائكة بنات الله على أساس هن من يتواصل بين الله وبين أوثانهم على الأرض فجعلوا لهن نصيبا -- فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله – فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ - أما نصيب الله المقصود به في سبيل الله - فالمفروض ان يوزع على الفقراء والمحتاجين ولكن بالحقيقة هم ينفقونه على شركائهم في العقيدة كالكهنة ورجال الدين وزعماء القبائل والسياسيون وأولادهم وأزواجهم وكل شريك معهم في العقيدة -- وما كان لله فهو يصل الى شركائهم - وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ - في كلا الحالتين لا يصل منه شيئا الى الله - فذلك حكم جائر بحق الله -- ساء ما يحكمون - سَاء مَا يَحْكُمُونَ
وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{136}
وكذلك زين لكثر من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم – زين بمعنى حبب فاصحب قتل الأولاد مستحب في الشريعة الوثنية الشركية بدوافع عقائدية مرتبطة بالخطيئة والتزين هو بفعل شياطين الإنس من المشركين الذين زينوا لكثير من أتباعهم قتل أولادهم شركاؤهم – وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ - هنا يجب الانتباه الى ان قتل الأولاد لا يتم على يد الآباء إنما على يد الجهة التي شرعت القتل كالزعماء والكهنة - ثم لماذا هم يقتلون أولادهم وهم شركائهم في كل شيئا بمعنى متساوون في إتباع التشريعات والطقوس الوثنية - إذن هنالك دوافع ومبررات أجازت القتل منها ليردوهم بمعنى يدخلونهم في رديئة وردة تخرجهم عن الدين عن طريق الالتباس أي يلبسون عليهم دينهم وبالتالي يستحل قتلهم ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون -لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ{137}
شرع الفكر الوثني الشركي لأهل مكة أنواع مختلف من المحرمات افتراء على الله - منها – وقالوا - هذه إنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء -- تعني محجوز لا يسمح التصرف بها ولا يأكل منها إلا لمن خصصت له حسب مزاعمهم -- وإنعام حرمت ظهورها وهي منطقة ما بين الكتفين والفخذين أعلى الظهر -- وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها – فهم يحرمون ذكر اسم الله عليها كي لا يجعلوا له نصيبا منها –أولا - وثانيا - إذا ذكر اسم الله عليها حرم أكلها -- افتراء عليه سيجزيهم بما كانون يفترون
وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{138}
صنف الفكر الوثني الشركي لأهل مكة محرمات أخرى افتراء على الله -- وقالوا -- ما في بطون هذه الإنعام خالصة لذكورنا تعني تخصيص ولادات بعض إناث الإنعام للذكر فقط ومحرم على أزوجنا وان يكن ميتة - سواء ان مات في بطن الأنثى أو أثاء الولادة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم انه حيكم عليم --
وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ{139}
بدا التنزيل بتعرية اعتقادات الفكر الوثني الشركي لأهل مكة مبتدأ بالذين قتلوا أولادهم – قائلا - قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله وما كانوا مهتدين – قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ - يعتقد الفكر الوثني الشركي لأهل مكة ان شركائهم الملائكة بنات الله لهن دور في زيادة إنتاج المحاصيل والثمار لذا استخرجوا لهن نصيا مما رزقهم الله - ولكي يبطل الله ذلك الاعتقاد بين لهم ان الثمار المختلفة التي تأكلونها هي من خلق الله – وليس للملائكة دور في الزيادة أو نقصان الإنتاج –قال- هو الذي انشأ جنات معروشات - معروشات تعني يبنى لها عروش كالأعناب والمتسلقات - وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ - وغير معروشات هي الأشجار المثمرة الأخرى والنخيل والزرع الخضروات مختلفا أكلها أي طعمها يخلف عن بعضها البعض - مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ - والزيتون والرمان متشابه في طريقة تكاثره وغير متشابه مختلف في طريقة تكاثره - كلوا من ثمره إذا أثمر واتوا حقه أي نصيبه يوم حصاده ولا تسرفوا في استخراج أكثر مما هو مقرر الى حد الإسراف - انه لا يحب المسرفين - وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ{140} وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{141}
ولكي يبطل الله أكاذيب المشركين الذين حرموا بعض صنوف الإنعام ولحومها – قال- ومن الإنعام حمولة وفرشا -- حمولة تعني المستمرة على الحمل والإنجاب سنويا - وفرشا التي لا تحمل كالحايل التي لم تمسك عند التلقيح بمعنى حالت الى السنة القادمة - أو بسبب كبر سنها - أو التي أصيبت بمرض في ثديها أوقف حملها -- كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين – وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ - فالشيطان هومن يختلق أفترات المحل والمحرم من الرزق ليفتري على الله الكذب -- ثمانية أزواج مقسمه كالتالي - من الضان أي الأغنام اثنين أي الذكر والأنثى وما يخرج من بطن الأنثى من ذكر وأنثى -- ومن المعز اثنين أي الذكر والأنثى وما يخرج من بطن الأنثى من ذكر أو أنثى -- قل يا محمد الذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبؤوني بعلم ان كنتم صادقين - ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{142} ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{143}
ومن الإبل اثنين الذكر والأنثى وما تحمل بطن الأنثى من ذكر أو أنثى -- ومن البقر اثنين الذكر والأنثى وما تحمل بطن الأنثى من ذكر أو أنثى – قل - الذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين - وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ - أم كنتم شهداء اذ وصاكم الله بهذا - فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم ان الله لا يهدي القوم الظالمين – فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ - قل يا محمد - لا أجد في ما أوحي الي محرما على طاعم يطعمه أي آكل للطعام إلا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس - أو فسقا أهل لغير الله أي ما قدم للأوثان وللملائكة بنات الله - فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم - قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وَمِنَ الإِبْلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللّهُ بِهَـذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{144} قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{145}
تعليقات
إرسال تعليق