من الاية 128 – 135 الإنعام
عالم الجن علم آخر لا نعرف عنه شيئا إلا بحدود ما اخبرنا الله في القران - ليس له تأثير على حياتنا العملية والعقلية إلا في بعض المواضع العقائدية حيث يشترك شياطين الجن والإنس في التأثير على من هو على شاكلتهم - للجن شياطين كما للأنس شياطين همهما طرح الأفكار الشركية الخبيثة ذات التأثير العقائدي لإغواء وإغراء البشرية بملذات الحياة الدنيا -- لشياطين الجن تأثير على شياطين الأنس عن طريق الإيحاء - يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا - ولقد مررنا في سورة الأنعام بحدث بين الله فيه مدى تأثير شياطين الجن على شياطين الإنس في استلهام الأفكار الخبيثة عن طريق الإيحاء -- فعندما التقى مؤمني أهل الكتاب بشياطين المشركين طرحوا عليهم أفكارا خبيثة بوحي من شياطين الجن زعزعت إيمانهم تحت ذريعة ان محمد عاجز عن الإتيان بآية من ربه – فتبين بعد ذلك ان أهل الكتاب لم يكن إيمانهم بالمستوى المطلوب سرعنما استجابوا لشياطين المشركين فجاءوا متحدين النبي بإنزال آية من ربه -- قال الله -- وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول الجميل المبطن المغرر- فنغر هؤلاء بقول الشيطان فانقلبوا الى الكفر بعد إيمانهم-- لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم ما يقترفون-
يخبرنا الله عن موقف شياطين الجن والإنس وأتباعهم في يوم الحشر–قائلا - ويوم نحشرهم جميعا - ثم يسأل- يا معشر الجن والإنس قد استكثرتم في إغواء الكثير من الإنس - وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ - وقال أوليائهم أي أتباعهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض فالاستمتاع هنا أباحت المحرمات تحت راية شفاعة الشفيع عند الله فالشيطان هيئ لهم من يحمل عنهم ذنوبهم وخطاياهم عند ربهم وبهذا الإغواء والإغراء زين الشيطان للمشركين أعمالهم الفاسدة – وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ - وبلغنا أي وصلنا اجلنا الذي أجلت لنا وهو يوم الحشر – قال الله النار مثوى لكم خالدين فيها إلا ما شاء الله -- قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ - إلا ما شاء الله ليس حكم قطعي أخروي إنما هو حكم دنيوي لمن أراد ترك الشرك وتصحيح عقيدته مستقبلا قبل الوصول الى يوم الحشر – إِلاَّ مَا شَاء اللّه – ان ربك حكيم عليم بان هنالك من المشركين من سيتغير وسيستقم باتجاه الحق - إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ - فأرضية شياطين الجن وشياطين الإنس خصبه بالظالمين من البشر ممن هم على شاكلتهم – قال الله - وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون - وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ{128} وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{129}
في يوم الحشر يسال الله الجن والإنس – قائلا- يا معشر الجن والإنس الم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا – يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا - قالوا شهدنا على أنفسنا بمعنى كنا على علم وشاهدين بذلك – قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا - ولكن غرور الشيطان زين لنا الحياة الدنيا - وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا - سيشهدون في يوم الحشر أمام الله على أنفسهم أنهم كانوا كافرين – وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ - قدم الله التحذير للمشركين العرب وشياطينهم ليرفع العذر عنهم في يوم الحشر- كي لا يشهدوا على أنفسهم بالكفر كما شهد الجن والإنس بأنهم كانوا كافرين – يتساءل المشركون عن الأقوام التي لم يبعث الله فيها رسالة - قال – يا محمد لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون – أي غافلون عن دعوات الأنبياء -- ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ – أما آلية الحساب يوم القيامة سوف ستختلف من قوم الى آخر فالذين لهم علم بدعوات الأنبياء سيكون الحساب مصيري إما الى الجنة وإما الى النار- أما الذين ليس لهم علم بدعوات الأنبياء - لكل درجات مما عملوا وما الله بغافل عما يعملون -- وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ{130} ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ{131}وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{132}
قال الله لنبيه -- وربك الغني – الغني تعني غني عن كل شيء سخره الله لعباده على الأرض فلا يريد منهم سوى العبادة - وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ - ذو الرحمة ومن رحمته يا محمد انه لم يتعامل مع قومك بالهلاك كبقية الأقوام – ذُو الرَّحْمَةِ - ان يشاء يذهبكم – يفوت عليكم فرصة الرحمة ليعطيها لغيرهم - ويستخلف من بعدكم ما يشاء -- فذلك ليس على الله بعزيز- الم ينشاكم من ذرية قوم آخرين - إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ - فهي فرصة فليستغلها قومك لصالحهم في الدنيا والآخرة – يا أيها المشركون سواء أمنتم أم لم تؤمنوا - ان ما توعدون لات لا محال وما انتم بمعجزين - إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ - لا تعجزون علينا إذا أردنا حشركم – ترك محمد الخيار لقومه – قائلا - يا قومي اعملوا على مكانتكم بمعنى ابقوا على ما انتم عليه من شرك وضلال -- اني عامل بكل ما انزله الله فسوف تعلمون تتأكدون من تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون -- قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ{133} إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ{134} قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ{135}
تعليقات
إرسال تعليق