من الاية 106 – 117 الإنعام
قدم الله للمشركين العرب والمشركين من أهل الكتاب الكثير من الآيات القرآنية بخصوص العقيدة منها فالق الحب والنوى وفالق الإصباح وكيفية تكاثر الحبوب والثمار وكيفية استعانة الإنسان بالنجوم للهداية في ظلمات البر والبحر وغيرها من الآيات – حتى أصبح النبي خالي المسؤولية عن كفر أو إيمان هؤلاء- حسب قوله - لست عليهم بحفيظ -- طالبا منه الكف عن جدالهم والالتزام بما يوحى إليه - قائلا - اتبع ما يوحى إليك من ربك لا اله إلا هو واعرض عن المشركين –لو شاء الله ما أشركوا --لا يفهم من هذا على ان الشرك اشاءة طوعية على المشركين ولكن اشاءة الله مع اشاءة الإنسان –فمن أشاء الشرك فتلك اشاءة الله وان أشاء الهدية فتلك اشاءة الله أيضا - وما جعلناك عليهم حفيظا اي حاميا ومانعا المشركين عن الشرك لأنها اشاءة الله وما أنت عليهم بوكيل – -- وكيل تعني ما وكلناك للدفاع عنهم فلن يضرك شركهم ولا إيمانهم
اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ{106} وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ{107}
من خلال قراءتنا للآيات تبين ان مجموعة من مؤمني أهل الكتاب التقت بشياطين المشركين - فدار حوار بينهم بخصوص طلبهم من النبي بإنزال آية من عند لله كشرط على الإيمان – الأمر الذي جعل شياطين المشركين يتلاعبون بهم عقائديا على أساس ان أنبيائهم أفضل من محمد لأنهم قدموا لشعبهم الدليل المادي كغرق فرعون على يد موسى وآيات الشفاء على يد عيسى -- أما محمد فقد عجز عن إتيان بآية من ربه -- تبين بعد ذلك على أنها مؤامرة قام بها مؤمني أهل الكتاب بتحريض من المشركين العرب – ولما سمع المؤمنون بالله بتلك المؤامرة سبوا وشتموا آلهة المشركين والهة آهل الكتاب -- فرد الله عليهم – قائلا- ولا تسبوا الذين يدعون من دون لله فيسبوا الله عدوا بغير علم – أي اعتداء على الله دون معرفة قدسيته - وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ - كذلك زينا لكل امة عملهم- فالمشركون يرون عقيدتهم من أحسن العقائد وازينها وأفضلها – فالأمر لا يستوجب السب والشتم لان المشركين الى الله مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون - كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ - أسلوب المؤامرة - هو ان أهل الكتاب يقسموا بالله عن المشركين لئن جاءتكم آية ليؤمنن بها - ولكن بالحقيقة هي ليس للمشركين إنما لأهل الكتاب بعد ان أقلبت عقيدتهم – قال الله - واقسموا بالله جهد إيمانهم أي المؤمنون من أهل الكتاب لن جاءتهم أية أي جاءت المشركين العرب أية فيها دليل مادي ليؤمنن بها - وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا - قل لهم يا محمد -- إنما الآيات من عند لله – قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ -- قال المؤمنون بالله من العرب حتى لو انزل الله آية لا يؤمنون بها -- رد الله عليهم –قائلا -- وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون – وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ - ونقلب أفئدتهم وأبصارهم يقصد الذين اقسموا بالله من أهل الكتاب -- كما لم يؤمنوا به أول مرة – كأن الدين جديد عليهم كبداية إيمانهم أول مرة --ونذرهم في طغيانهم يعمهون - وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{108} وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ{109} وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ{110}
ولكي يؤكد الله للذين اقسموا بالله جهد إيمانهم من أهل الكتاب على ان الشرك والإيمان هي مشيئة الله -- قال -- ولو اننا أنزلنا ليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا يؤمنوا إلا ان يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون – وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ - كشف الله ألاعيب المشركين والمنحرفين من أهل الكتاب – بأنها فكرة شيطانية -- حيث ألقى الشيطان على أهل الكتاب أفكار خبيثة زعزعت إيمان المؤمنين بذريعة ان محمد عاجز عن الإتيان بآية من ربه – فتبين بعد ذلك ان أهل الكتاب لم يكن إيمانهم بالمستوى المطلوب سرعنما استجابوا للشيطان فجاءوا متحدين النبي بإنزال آية من ربه بأسلوب مبطن -- قال الله -- وكذلك جعلنا لكل نبي عدو شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول الجميل المبطن غرورا -- حيث تمكن شيطان المشركين بوضع مقارنة عقائدية بين آيات أنبياء أهل الكتاب - وبين عدم قدرة محمد على الإتيان بأية من ربه -- فنغر أهل الكتاب بزخرف القول أي قول المشركين فانقلبوا الى الكفر-- لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم ما يقترفون – ولتصغي إليه أي الى شيطان الإنس من المشركين أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة من أهل الكتاب وليرضوه أي ليرضوا الشيطان وليقترفوا ما هم مقترفون – يقترف تعني يكتسب نصرا عقائديا بأسلوب خبيث ومبطن– تبين من خلال الآيات ان أهل الكتاب احتكموا الى شيطان المشركين فطرح عليهم زخرف القول فغرهم في دينهم فلجوا الى النبي يتحدونه بكلمة حق يراد بها باطل- فقسموا بالله جهد إيمانهم كذبا وزورا– قل يا محمد لأهل الكتاب -- افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين – الممترين تعني المتقلبين بين الشك واليقين
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ{111} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ{112} وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ{113} أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{114}
أوقف الله التعامل بالدليل المادي بعد ان كذبته الشعوب من قبل – قائلا- وما منعنا ان نرسل الآيات إلا ان كذب بها الأولون -- إذن لا تبديل لكلمات لله ولن يستحب لمطالب المشركين ولا لأهل الكتاب بتنزيل أيه – قال الله -- وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكماته وهو السميع العلم – وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ – يا محمد -- اترك شياطين أهل الكتاب وشياطين المشركين وترك الشكوك والتقلبات -- فان تطع أكثر من في الأرض يضلونك عن سبيل الله ان يتبعون إلا الظن وان هم إلا يخرصون – وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ - يخرصون - تعني يوسعون المفاهيم الظنية للإجابة على التساؤلات العقائدية لإقناع المقابل كي يبتعد عن الحقيقة الدامغة -- ان ربك هو اعلم من يضل عن سبيله وهو اعلم بالمتقين -- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ
صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ{115} وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ
اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ{116}
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ{117}
هناك أربعة شيطان النفس - شياطين الجن - شياطين الإنس -شيطان الجهل
ردحذفاكيد عزيزي -- جميعها تعمل على اغواء الانسان لصده عن سبيل الحق -- شكرا على مرورك الكريم
حذف