من الاية 91 – 105 الأنعام
فكك الله مزاعم الديانة الإبراهيمية القديمة داحضا أكاذيب مشركي العرب وادعائهم ان عبادة الأوثان من تشريعاته - من خلال العديد من الآيات القرآنية منها التدبر في ملكوت السماوات والأرض وإعلان براءة إبراهيم والأنبياء وذراريهم من الشرك –مصححا للمشركين عقائدهم من خلال الآيات ومبينا لهم ان إبراهيم لما دعا ربه تجنيب ذريته عبادة الأصنام كان مجرد دعاء -- وان نبذه لتلك العبادة كان في قومه وليس في مكة – ولما سمع بني إسرائيل حقيقة ما كان يعبد إبراهيم انهارت عقيدتهم القومية ونكشف زيف وعد إبراهيم ويعقوب بتحقيق حلم إسرائيل على أرض الميعاد - الأمر الذي جعلهم ينكرون جميع الأنبياء ومن ضمنهم محمد - فقالوا - ما انزل الله على بشر من شيء –وبهذا الإنكار ما قدروا الله حق قدره فلم يعطوا الله المكانة التي تليق به رغم فضله على آبائهم يوم فضلهم على العالمين – وما قدروا الله حق قدره إذا قالوا ما انزل الله على بشر من شيء - ردا الله على إنكارهم - قل لهم يا محمد - من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس اي أكثر من كتاب كتب متعددة تبدونها تظهرون البعض منها للقراءة وتخفون أي وتخزنون الكثير منها اعتزازا بها وعلمتم ما لم تعلموا انتم ولا آبائكم -- قل لهم يا محمد الله ثم ذرهم أي اتركهم في خوضهم يلعبون
وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ{91}
البعد التضليلي من إنكار بني إسرائيل لجميع دعوات الأنبياء بقولهم مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ هو للطعن بنبوة محمد وبالقران - ولكن بعد ان كشف الله أكاذيبهم من خلال ما يحتفظون به من قراطيس موسى -- وضع لهم تطابق بين كتاب موسى والقران – كأن الله يقول لهم - مثلما لموسى كتاب أيضا لمحمد كتاب -- قائلا – وهذا كتاب أنزلناه مباركا مصدقا الذي بين يديه – بين يديه من آيات كتاب موسى التي جاء ذكرها في القران - لتنذر أم القرى ومن حولها يقصد قرى مشركي العرب وقرى مشركي أهل الكتاب - والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون -- بعد التطابق بين قراطيس موسى والقران – اخذ البعض من بني إسرائيل يتحدى النبي مدعي الوحي والبعض الأخر ادعى قدرته على تنزيل مثل ما انزل الله – رد الله على مزاعمهم -- قائلا -- ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا - أو قال أوحي الي ولم يوح إليه من شيء - ومن قال سانزل مثل ما انزل الله – ولو ترى اذ الظالمون يوم القيامة وهم في غمرات الموت من شدة الخوف- والملائكة باسطو أيديهم اخرجوا أنفسكم تعني خلصوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقلون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون
وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ{92} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ{93}
الشفاعة من مرتكزات العبادة الوثنية والشركية فمعظم أصحاب تلك العقائد جعلوا لشركائهم نصيبا مما رزقاهم الله - مسخرين كل ما أوكله الله للبشرية على الأرض من ومحاصيل وأنعام وثروات لصالح شفعائهم - ولكي يبطل الله دور الشفيع يوم القيامة – قال - ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة منفردين كما خرجتم من بطون أمهاتكم وتركتم ما خولناكم – فالبشرية مخوله بالتصرف في كل ما خلقه الله على الأرض على ان يوزع بينهم كل حسب استحقاقه لا ليستغل من قبل الشياطين الكهنة ورجال الدين تحت اسم الشفاعة – وبالتالي يستولون على مقدرات الشعوب بغير حق - ولكي يبين الله للمشركين ان الأموال التي تنفق على شفعائهم لن يجنون منها شيئا يوم القيامة –قال- وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء أي الذين جعلتم بينكم وبينهم شركة لمصلحة شفاعتكم - لقد تقطع بينكم وبينهم فما عادوا حقيقة وضل عنكم غاب عنكم ما كنتم تزعمون – اعتقد المشركون ان للأوثان الملائكة بنات الله دور في أمنهم الغذائي وخاصة فيما يتعلق بالمحاصيل الزراعية على اعتقاد هن من يساهم في زيادة الإنتاج السنوي لقربهن الى الله – بين الله للمشركين ان أوثانكم ليس لهن دور في أي خلق من خلقه - وان الله هو فالق الحب والنوى يخرج الحي من الحبوب المتحجرة الميتة - ومخرج الميت أي الحبوب الميتة المتحجرة من الحي – وطبعا وهذا يتم عبر مراحل الإنبات والتزهير والتكاثر- ذلكم الله ربكم فاني تؤفكون - فكيف تخدوعون بأكاذيب الأوثان
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ{94} إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ{95}
بعض التغيرات الفلكية يجهلها المشركين على اعتقاد ان لأوثانهم دورا في إنشائها وإدارتها -- فالق الإصباح عن الليل وجعل الليل سكنا سكون للكائن الحي عموما - والشمس والقمر حسبانا - ففي تعاقبهما الفلكي توضع التقاويم الميلادية والهجرية وغيرها من التقاويم وذلك تقدره ساعات الليل والنهار - فيتم من خلالهما احتساب الأيام والأشهر والسنين –ذلك تقدير العزيز العليم- وهو الذي جعل لكم النجوم لتهدوا بها في ظلمات البر والبحر عندما يصادفكم الظلام في سفركم قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون --- يعلمون بتلك الحقائق
فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ{96} وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{97}
وهو الذي إنشائكم من نفس واحدة أي كونكم شعوبا وأمما من نفس واحدة -- فمستقر على الأرض ومستودع تحتها بعد الموت - قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون
وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ{98}
أيها المشركون كيف جعلتم لأوثانكم وشفعائكم نصيبا مما رزقكم الله -- وهو الذي انشأ نظام تكاثر المحاصيل والثمار بوسائل مختلفة خدمة للكائن الحي وهو الذي انزل من السماء ماء فاخرج به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا - بداية الإنبات يكون باللون الأخضر وعند التزهير للتكاثر يصفر ثم يجمع بذوره كحب متراكم – هذا فيما يخص المحاصيل - أما الأشجار المثمرة فلها عدة طرق للتكاثر ومن النخيل من طلعها قنوان دانية - فثمار النخيل تعتمد على تلقيح الطلع الأنثوي بعد استئصاله من طلع ذكري -- أما الجنات وتسمى البساتين فبعض الأشجار تحمل غصنا ذكريا وأخر أنثويا في نفس الشجرة – وجنات من أعناب والزيتون والرمان- متشابه - وبعض الأشجار يتم تلقيحها بطرق أخرى غير الذي ذكرناه - وغير متشابه - انظر الى ثمره إذا أثمر وينعه أي نضج وأصبح جاهز للأكل –ان في ذلك لآيات لقوم يؤمنون
وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{99}
وضح الله جذور زيف عقيدة الأوثان الملائكة بنات الله وكيف اختلقت وما ترتب عليها من اعتقادات أخرى كالشفاعة - قائلا - وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم بمعنى الجن من خلق لله - وخرقوا جاءت من الخرق أو الاختراق مدعين ان الله صاهر الجن فأنجبوا له بنين وبنات بغير علم - دون دليل يؤكد على مزاعمهم -- سبحانه وتعالى عما يصفون – بديع صفة الإبداع في خلق السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة أو زوجة كي تنجب له بنين وبنات - وخلق كل شيء - فالله لا يتخذ شريكا له مما خلق كالإنس أو الجن أو الملائكة - وهو بكل شيء عليم – ذالكم الله ربكم إلا اله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو بكل شيء وكيل
وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ{100} بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{101} ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ{102}
من عيوب الآلهة التي يعبدونها من دون الله أنهم يدركونها بإبصارهم كالأوثان والصليب والأصنام أما الله لا تدركه الإبصار فلا احد يعرف شكله ولا ماهيته لا الجن ولا الإنس ولا الملائكة - ليس كمثله شيء - وهو يدرك الأبصار بمعنى يبصر أبصار البشرية أين تقع وأين تتحرك - وهو اللطيف الخبير – قد جاءكم بصائر من ربكم أي ما يفتح بصيرتكم باتجاه الحق فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها -- وما أنا عليكم بحفيظ بمعنى غير قادر على حفظ أبصارك التي تدركون بها ولا بصائركم أي استيعابكم وإدراككم – وكذلك نفصل الآيات أي نجعلها سهلة الاستيعاب وليقولوا درست أي اكتسبت فمفاهيم دينية وعقائدية من خلال تفصيل الآيات فأصبحت لديك مقدرة الرد على عقائد الآخرين – ولنبينه أي نوضحه ليكون أكثر فهما -- لقوم يعلمون
لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ
وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{103} قَدْ جَاءكُم
بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا
وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ{104} وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ
دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{105}
تعليقات
إرسال تعليق