من الاية 63 – 73 الإنعام
قلنا في مقالة سابقة ان المشركين ينقلبون على إلهتهم عندما يتعرضون الى مخاطر مهلكة داعين الله مخلصين له الدين وهذا إقرار منهم على زيف إلهتهم التي يعبدونها من دونه -- ولكن سرعنما ينسون تضرعهم ثم يعودون الى ما كانوا به يشركون – قل لهم يا محمد -- من ينجيكم من ظلمات البر – ظلمات البر هي الكوارث الطبيعي التي تصيب اليابسة وغالبا ما تكون مظلمة بمعنى غير ظاهرة تأتي فجأة – ومن ظلمات البحر كالأعاصير البحرية المحملة بالغيوم والأمواج التي تصيب السفن والمدن الساحلية -- فعندما يمر المشركون في مثل هكذا مواقف عصيبة ينسون شركائهم داعين الله تضرعا مستغيثين بصوت مرتفع أو خفية بصوت مهموس -- لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين – قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ -- هنا سؤال يطرح نفسه لماذا في المحن يقر المشركون بالله ثم بعد النجاة به يشركون– الجواب – هو ان الشيطان الكاهن أو المعارض للدين هو من يستغل النجاة لصالح آلهتهم موهما إياهم على أنها هي من أنجتهم – قل لهم يا محمد -- الله ينجيكم منها ومن كل كرب -- وليس آلهتكم -- قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ
قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ{63} قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ{64}
هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم كالغرق الصواعق والزحف الجليدي ومن تحت أرجلكم كالبراكين والزلازل أو يلبسكم شيعا أي يجعلكم فرق وطوائف وقبائل ويذق بعضكم باس بعض بالحروب والغزوات فيصيبكم القتل والتهجير والسبي انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون –- نصرف الآيات تعني نفكك الآيات من تعقيد الفهم ليسهل فقهها -- قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ -- وكذب به قومك أي بالقران وهو الحق – قل لهم يا محمد -- لست عليكم بوكيل تعني لا أتحمل مسؤولية من كذب منكم – وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ - لكل نبا مستقر لكل خبر فيه تحذير أو تبشير أعلن الله عنه سوف يتحقق في زمنه وسوف تعلمون -- لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ{65} وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ{66} لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{67}
وإذا رأيت الذين يخوضون بآياتنا جدلا وتعنتا ومراوغة وخاصة في آيات النجاة من الكرب ومن ظلمات البر والبحر- فاعرض عنهم وتجنبهم وتركهم لان الله أنهى النقاش فيهن وحسمه -- بقوله -- لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ -- حتى يخوضوا في حديث غيره -- وأما ينسينك الشيطان لربما يحاول الشيطان الكاهن أو المعارض للدين جرك الى تلك المواضيع ما عليك إلا الانسحاب من مجالسهم فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين – وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ -- أما عن خوض المؤمنين مع المشركين في تلك المواضيع ما من حسابهم من شيء أي لا يحملون شيء من حسابهم ولكن ذكرى للمشركين لعلهم يتقون-- يتقون الله يبعدون أنفسهم عن عذابه –وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ -- وذر أي اترك الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا من المشركين والكفار الذين كثيرا ما خاضوا في آياته استكبرا وتعنتا وذكر به أي بالقران ان تبسل نفس بما كسبت – تبسل جاءت من الاستبسال أو البسالة -- فبسالة المشركين والكفار في الجدال والمراوغة لن تنفعهم في يوم ليس لها من دون لله ولي ولا شفيع وان تعدل كل عدل –فمهما قدمت النفس من عدل لا يؤخذ منها ولن يعدلها ذلك عن العذاب -- أولئك الذين أبسلوا أي انكسرت بسالتهم بما كسبوا لهم شرب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون -- وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{68} وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَـكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ{69} وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ{70}
قطع النبي والمؤمنون شوطا طويلا مع الآيات القرآنية التي صححت الاعتقاد بينما بقي المشركون والكفار على حالهم لم يغتنموا فرصة التغير العقائدي مصرين على ما وجدوا عليه إبائهم – فكلما دخل الكفار والمشركين مجلس النبي اخذوا يجادلون في آلهتهم – قل لهم يا محمد -- أندعو من دون لله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد اذ هدنا الله -- كالذي استهوته الشياطين في الأرض أي استقطبه الشياطين من الكهنة ورجال الدين الى أهوائهم فأصبح حيرانا بين الحق والباطل وله أصحاب يدعونه الى الهدى والى الطريق المستقيم – ائتنا – بمعنى أعطنا ما عندك بأيهم الأفضل من هو حيران بين تخبط الشياطين أم من هو على صراط مستقيم -- -- قل يا محمد -- ان هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين – وان أقيموا الصلاة ويقصد على الذين اسلموا لرب العلمين وتقوه وهو الذي إليه تحشرون –وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق لا اله غيره قادر على خلقهن -- ويوم يقول كن فيكون أي قدرته على لشيء بالقول كن فيكون -- قوله الحق للشيء كن فيكون -- وفي النهاية له ملك كل شيء -- متى ذلك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ
مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ
هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ
لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ
الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{71} وَأَنْ أَقِيمُواْ
الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{72} وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ
قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ{73}
تعليقات
إرسال تعليق