من الاية 37 – 49 الإنعام
شعر النبي بالحزن والأسى على جحود منكري وجود الله والبعث والنشور فاخذ يفكر بتدابير أخرى لإقناعهم –رد الله عليه -- قائلا -- وان كبر عليك إعراضهم أي عظم عليك إقناعهم --وأصابك الحزن لأنك لم تتمكن من هدايتهم - قدم لهم أنت ما استطعت نفق في الأرض أو سلما في السماء فأتيهم بأية – فلا تتعب نفسك بإعراضهم - لو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين – إنما يستحب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون – بعد ان عجز النبي عن تقديم الدليل المادي لهداية الكفار-- وجهله في عدم استجابة الله لمطالبهم بإنزال آية –علم النبي حينئذ ان الله ترك للكفار حرية الإيمان بالله واليوم الأخر دون تأثيرات طوعية - موضحا له على ان الخزي الدنيوي سوف يصيبهم لا محال وان تعنتهم وجبروتهم هو من سيقضي عليهم
وقالوا أي الكفار -- لولا انزل عليه أية من ربه يعني دليل مادي يأتي مع محمد لتصديقه – رد الله عليهم – قائلا --ان الله قادر على ان ينزل آية ليس ذلك على الله بعزيز - ولكن أكثر الذين يطرحون هذا التساؤل لا يعلمون ان الله أوقف التعامل بالأدلة المادية بعد ان كذب بها الأولون فكانت سببا في هلاكهم -- {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }الإسراء59 – وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ -- قدم الله للمشركين والكفار آية من الواقع بدلا من الدليل المادي —لإبعادهم عن دائرة الهلاك وان كذبوا بها -- بمعنى سيترك لهم حرية الإيمان وفق النصوص القرآنية -- قائلا -- وما من دابة في الأرض - دابة هو كل ما يسعى عليها للحصول على غذائه ومستقره للحفاظ على بقائه - ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم –الحيوانات والطيور أمم كل أمه تجتمع مع فصيلتها – ما فرطنا في الكتاب من شيء - أي ما تركنا فيه من شيء إلا وكان فيه أدلة كافية تدعو الى الإيمان بالله واليوم الأخر – فمثلما يحشر الله الحيوانات والطيور في أمم -- كذلك سيحشر الكفار يوم القيامة -- ثم الى ربهم يحشرون -- وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ – ينتقل الله الى الذين كذبوا بآياته - قائلا - والذين كذبوا بآياتنا ومنها تجانس الحيوانات والطيور في أمم -- صم بكم في الظلمات – وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ –ولكن يبقى القرار فيما يخص الإيمان متعلق بإرادة الإنسان -- من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم -- مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{37} وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ{38} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{39}
في الظروف الطبيعية الاعتيادية يمارس الكفار والمشركين حياتهم الدينية بسلاسة مع عقائدهم ولكن متى ينقلبون عليها عندما يتعرضون لكوارث طبيعية مهلكة حينئذ يلجؤون الى الله بالتضرع للخلاص منها – يشير الله الى النبي على ان هنالك هلاك يصيب الكفار من نوع أخر دون دليل مادي يظهر لهم من واقع حياتهم بفعل ما قدمته أيديهم -- فالكوارث الطبيعية التي أهلكت الأمم من قبل كالغرق والبراكين والزحف الجلدي والانهيار لاقتصادي سارية المفعول على الأرض -- قل يا محمد للكفار - أرايتكم – بمعنى أرى حالكم يقول ان أتاكم عذاب الله بكارثة طبيعية أو أتتكم الساعة ساعة الحساب الاخروية دون إنذار سابق أغير الله تدعون ان كنتم صادقين - قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ – نتابع كيف ينقلب الكفار والمشركين على معتقداتهم عند نزول العذاب بهم - بل إياه تدعون بالنجاة والخلاص ثم يكشف ما تدعون إليه –أي يرفع العذاب عنكم ان شاء وتنسون ما تشركون – تنسون شرككم وكفركم لان الحاضر معكم هو الله فتستغيثون به– بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ -- الكثير من الشعوب تتجاهل الفتن والكوارث على أنها حالة نادرة أو أزمات عابرة –قال الله -- ولقد أرسلنا الى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون أي يرجعون الى طريق الحق – لكنهم تعاملوا مع تلك الفتن على أنها أزمات عابره – فلولا جاءهم بأسنا تضرعوا أي تركوا كفرهم وتضرعوا الى الله خوفا منه - لكن قست قلوبهم فلم يتعظوا منها وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون طمئنهم على ان البأساء والضراء حالة عابرة وما عليكم إلا العودة الى آلهتكم وعبادتكم وطقوسكم لأنها هي التي أنجتكم من البأساء والضراء – طبعا هذا من افتراء الشيطان لان عند وقوع البأساء والضراء دعوا الله فكشف ما يدعون إليه -- بمعنى ان الله هو من أنجاهم وليس الآلهة التي يعبدونها - فالشيطان استغل انفراج الفتنة لصالحه فقلب الموازين على الجهلة
قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{40} بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ{41} وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ{42} فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{43}
قلنا ان الشيطان اقنع إتباعه من الكفار والمشركين على الإلهة التي يعبدونها هي التي أنجتهم من الفتن – نتابع هل هذا صحيح -- مرت سنوات عدة على البأساء والضراء حتى اختفت من ذاكرة الشعوب -- فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ -- فتحنا عليهم أبواب كل شيء فعادة الحياة الى ما كنت عليه بالرقي والرفاهية والاستقرار وعمهم الفرح والاطمئنان -- فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ --أخذناهم بالعذاب بغتة فإذا هم مبلسون – مبلس حاله يئس وإحباط بان لا عودة الى ما كانوا عليه -- أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ – لو كان فعلا إلهتكم هي التي أنجتكم في المرة الأولى - لماذا لم تنجيكم في المرة الثانية --فقطع دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين -- فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ{44} فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{45}
قل يا محمد للكفار والمشركين - ارايتم - أي أرى حالكم ان اخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون – يصدفون -جاءت من الصدفة أو التصادف بمعنى سيقرون بالإيمان حين يصادفهم العذاب – قل يا محمد للذين يصادفون الإيمان بقوقع العذاب – ارايتم – أي أرى حالكم -- ان أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة وهل يهلك إلا القوم الظالمون – بمعنى في حالة وقوع العذاب لا ينفع الإيمان وهل يهلك إلا القوم الظالمون - وما نرسل المرسلين إلا مبشرين الشعوب بالاطمئنان الدنيوي والأخروي -- ومنذرين الشعوب بالخزي الدنيوي والأخروي -- فمن آمان وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون –والذين كذبوا بآياتنا يمسهم الخزي الدنيوي والأخروي بما كانوا يفسقون
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ
اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ
غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ
يَصْدِفُونَ{46} قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ
جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ{47} وَمَا نُرْسِلُ
الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{48} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا
يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{49}
تعليقات
إرسال تعليق