من الاية 94 – 100 النساء
ولكي لا يستغل تشريع قتل
المرتدين في الانتقام ممن كان له دور في قمع واضطهاد المؤمنين سابقا في مكة بعد
دخولهم في الإسلام تحت ذريعة الارتداد—وضع الله شروطا للتأكد من الردة – فمن قتل
مؤمنا متعمدا له علم بدخوله في الإسلام -- فجزاءه جهنم خالدا فيها غضب الله عليه
ولعنه واعد له عذابا أليما--- وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ
جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ
عَذَاباً عَظِيماً – لا يزل القران يضع العراقيل والقيود أما الجيش لتفادي القتل المتعمد
أو الخطأ -- مخاطبا الذين امنوا – قائلا -- يا أيها الذين امنوا إذا ضرتم في سبيل
لله أي خرجتم لضرب أعدائكم أو قتالهم أو
خرجتم لاستطلاع العدو في العمق تبينوا بمعنى
تأكدوا حتى تتضح لكم الحقيقة بالكامل قبل اتخاذ أي قرار بشان قتل المرتدين – ولا
يكون هدفكم القتل فقط -- ولا تقولوا لمن ألقى السلام لست مؤمنا لشرعنت قتله للاستيلاء على أمواله -- تبتغون عرض
الحياة الدنيا -- فعند الله مغانم كثيرة -- كذلك كنتم من قبل ضعفاء مستضعفين فمن
الله عليكم بالقوة --فتأكدوا-- ان الله كان بما تعملون خبيرا – يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ
تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ
عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم
مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيراً
أفضلية الحسنى عند الله لمن
واكب متغيرات الدعوة منذ بزوغها وحتى فرض الجهاد -- ملبيا لكافة تداعيات المراحل --
فأولئك لهم درجات ترفع بعضهم فوق بعض -- لا يستوي المتأخر عن الأداء والاستجابة عن
من بادر بهما أولا -- فهنالك فرق كبير بين القاعدون عن الجهاد في سبيل لله ممن
لديه عذرا شرعيا كالإعاقة الجسدية -- وبين القاعدون عن القتال دون عذر شرعي -- لاَّ
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ – فالأفضلية
المتميزة هي للمجاهدين في سبيل لله بأموالهم وأنفسهم-- وَالْمُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ -- فضل الله المجاهدين بأموالهم
وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى -- أي وعد بالجنة -- فَضَّلَ
اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ
دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى -- وفضل الله المجاهدين على القاعدين
أجرا عظيما – فالأجر العظيم هو من سيمنح المجاهد في سبيل الله أعلى درجات الحسنى عند
الله ولا يتم ذلك إلا عن طريق المغفرة والرحمة التي سيهبها الله لهم يوم القيامة --وكان
الله غفورا رحيما --دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ
غَفُوراً رَّحِيماً
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ
لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن
قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيراً{94} لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ
اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً{95} دَرَجَاتٍ
مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{96}
بيَّن الله الموقف الأخروي
للذين بقوا في مكة ولم يهاجروا الى المدنية ممن توفرت فيهم الشروط المالية والجسدية
على الهجرة -- والذين تذرعوا بالاستضعاف في الأرض -- فعندما تسألهم ملائكة العذاب
يوم القيامة عن أسباب عدم هجرتهم الى المدينة - سيتذرعون الاستضعاف في الأرض-- إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ
كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ – ترد عليهم ملائكة العذاب --الم تكن ارض الله
واسعة فتهاجروا فيها -- أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ
فِيهَا -- فالهجرة ليس الى المدينة فقط --إنما
هناك أقوام دخلوا في الإسلام وأقوام دخلوا
في معاهدات سلام مع المؤمنين فمن
المكن الهجرة إليهم -- فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا -- فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءتْ مَصِيراً -- مستثنيا الله من العذاب المستضعفون الحقيقيون من الرجال
والنساء والولدان الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا أي طريقا للهجرة عبر مسالك الصحراء للوصول الى المدينة أو
الى الأماكن ألأكثر أمنا–فأولئك عسى الله ان يعفوا عنهم وكان الله عفوا غفورا --
إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ
يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً{98} فَأُوْلَـئِكَ عَسَى
اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا
مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً
فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً{97}
إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ
يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً{98} فَأُوْلَـئِكَ عَسَى
اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً{99}
لإضاعة الفرصة على المتذرعين
بالاستضعاف في الأرض-- فتح الله الهجرة على مصراعيها بعد ان كانت مقتصرة على المدنية--
فقط -- فبعد انتصار المسلمين في معركة بدر دخلت بعض القبائل العربية في الإسلام --
والبعض الأخر دخل في معاهدات سلام مع النبي كبني قريظة وبني النضير من أهل الكتاب –
أجاز الله الهجرة الى حلفاء المسلمين في
المنطقة -- فقال -- ومن يهاجر في سبيل الله يجد في ارض مراغما – أي أماكن كثيرة للجوء غير المدينة يرغم فيها المؤمن نفسه على
التكيف للظروف التي ستواجهه وبالنتيجة سيجد سعه من العمل وكسب المال – وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ
فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً --ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله --
أي الجهة التي يرغم إليها تلبية لنداء الله والرسول -- ثم أدركه الموت قبل الوصول --
وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما --- وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ
مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ
أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{100}
تعليق --
الآيات أعلاه حرمت بقاء المؤمن
في دار الكفر في مكة -- بعد ان فتح الله أماكن أخرى للهجرة – وهذا ينطبق على بقية
المسلمين في الدول الغربية – فكل مسلم يعيش في دوله غربية لها دور في قتال
المسلمين أو قتلهم أو التحريض على قتلهم أو اغتصاب أرضهم كفلسطين لا يحل له البقاء فيها والا سيكون مصيره كما --
قال الله -- إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ
مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً
تعليقات
إرسال تعليق