من الاية 137 – 150 آل عمران
انتهت آيات تحريم الربا بتهديد
واضح وصريح للذين لم يستجيبوا لأمر الله – مفاده -- قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في
الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين -- فأي
إنسان يدعي الإيمان بالله واليوم الآخر ولم يلتزم بقواعد التحليل والتحريم وفق ما
جاء به التنزيل يعتبر مكذب للدعوة القرآنية -- قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ
فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ – هذا بيان
هام للناس فيه هدى وموعظة للمتقين --هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ
لِّلْمُتَّقِينَ -- ثم انتقل التنزيل الى
بعض أحداث معركة احد - قائلا - ولا تهنوا أي ولا تضعفوا ولا تحزنوا على ما أصابكم لأنكم في النهاية انتم الأعلون ان كنتم مؤمنين –
وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا
وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ -- ان يمسسكم قرح بسبب خسارة
المعركة فقد مس قريش قرح مثله في بدر --
فهذه هي طبيعة الأيام يدولها الله بين الناس ليكتشف معادن المؤمنين – وليتخذ منهم شهداء -- ليشهدوا على المنافقين والكافرين والظلمة
من المؤمنين -- لان الله لا يحب الظالمين -- إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ
قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ
اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ – في تداول الأيام بين الناس تمحيص وزوال – فللمؤمن هي تمحيص لأنه سوف
يستفد من الأخطاء التي تواجهه في الانتباه الى مستقبله -- أما بالنسبة للكافرين فهي
محوا وزوال --لأنه لا يستفد من التجارب التي تواجهه في تغير مستقبله -- فكل شيء عنده
محسوب بالمنافع المادية والمصالح الشخصية ----
وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ -- أم حسبتم ان تدخلوا الجنة دون فتنة أو اختبار تمرون
عليه – لذا اعتقدتم ان الأمور لن تصل بكم الى الجهاد -- وان الإيمان بالله كافي لدخول الجنة – لا والف لا -- حتى
يعلم الله المجاهدين منكم ويعلم الصابرين -- أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ
الصَّابِرِينَ – ففي السلم كنتم تتمنون الموت في سبيل الله ومواجهة العدو وجه لوجه
في ساحة المعركة -- وَلَقَدْ كُنتُمْ
تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ – وبعد ما رأيتموه اختلفت عليكم الأمور تماما ورأيتم أشياء لم تكن بالحسبان – فَقَدْ
رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ – فبمثل هكذا محن يعلم الله المجاهدين منكم ويعلم
الصابرين --
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ
فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ{137} هَـذَا
بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ{138} وَلاَ تَهِنُوا
وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{139} إِن
يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ
مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ{140} وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ{141} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ
الصَّابِرِينَ{142} وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن
تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{143}
من الأحداث الأخرى التي واجهها
المقاتلون في معركة احد إشاعة مقتل النبي مما أثار ذلك انقلابا وردة في قلوب المؤمنين
فرد الله عليهم – قائلا-- وما محمد
إلا رسول قد خلت من قبله رسل تعرضوا للموت والقتل --–أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم
اي رجعتم الى شرككم وكفركم فمن ينقلب على عقبيه -- فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين --وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ
قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن
يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ –بصوره عامه الموت أو القتل
له كتابا مؤجلا فالنفس لن تموت إلا بإذن
الله وفق اجل مكتوب ومؤجل الى حين انتهاء الأجل – فالإنسان مخير بين الدنيا والآخرة فمن يريد ثواب الدنيا يؤته الله منها -- ومن
يرد ثواب الآخرة يؤته الله منها وسيجزي
الشاكرين --وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً
مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ
ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ –
ضرب الله مثلا للمؤمنين -- في من قبلكم قوم مسهم قرح في معركة لكنهم لم ينقلبوا
على أعقابهم -- فالمثل فيه توجيه للمؤمنين
في كيفية التعامل مع الخسائر والانكسارات – فقال -- فأي نبي قاتل معه ربيون كثيرون – لم يهنوا ولم يضعفوا مهما جرت بهم المقادير من
خسائر بشرية أو مادية أو معنوية وما
استكانوا أي وما قعدوا وما تقاعسوا عن الجهاد مهما كانت خسارتهم -- ولم ينقلبوا
على أعقابهم -- فهذه هي صفة المجاهدين الصابرين --والله يحب الصابرين – وَكَأَيِّن
مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا
أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ – فالقوم الذين من قبلكم لما أصابهم القرح لم يفكروا بالردة
الى الكفر -- إنما قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا
وانصرنا على القوم الكافرين ---- وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ
ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ --–فأتاهم الله ثواب
الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين – فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ
الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ -- حذر الله
المؤمنين من أهل المدينة وأهل الكتاب من إطاعة الذين كفروا لكي لا ينقلبوا على
أعقابكم خاسرين -- مثلما حصل في احد -- بل
الله مولاكم وهو خير الناصرين -- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ
الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ--بَلِ
اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ
شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ{144} وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ
إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا
نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ{145} وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا
اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ{146} وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ
أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا
وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147} فَآتَاهُمُ
اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ{148} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ
كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ{149} بَلِ
اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ{150}
ثمة نتائج بلورتها خسارة معركة
احد يمكن ان نعتمدها كتوصيات ميدانيه مستقبلية لتجنب أي هزيمة
1- الاستفادة
من الهزيمة في صناعة نصر جديد من خلال الدروس
والعبر الميدانية -- وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ
الْكَافِرِينَ
2- النصر
لا يأتي من القول إنما من الجهاد والصبر على ارض المعركة -- وَلَمَّا يَعْلَمِ
اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
3- التدريب
العالي على كافة المستويات وبالذخيرة الحية لتطبيع المقاتل على ضجيج المعارك -- وَلَقَدْ
كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ
وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ
4- مكافحة
التجسس والإشاعات بين صفوف الجيش قبل وعند
احتدام المعارك -- وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ
الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
5- عدم
الاستعانة بمشورة الأعداء أو اطلاعهم على خطط سير العمليات العسكرية -- يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِين -- بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ
النَّاصِرِينَ
تعليقات
إرسال تعليق