ملاك حيدر – الرجال
قوامون على النساء
قبل يومين -- تناقلت
وسائل الإعلام العراقية ومنصات التواصل الاجتماعي خبر وفاة ملاك حيدر -- بعد
تعرضها الى عنف اسري بدايته قبل ثمان أشهر عندما أقدم زوجها على حرمانها من زيارة
أهلها طوال الفترة المنصرمة – بعدها لا ندري ما هي الأسباب الحقيقية التي أرغمتها
على حرق نفسها -- ما ان سمعت قناة الشرقية
الخبر حتى سارعت الى استضافة بعض المطالبات بحقوق المرأة – مما اثر انتباهي احد الناشطات
في هذا المجال -- وهي تطرح نص المادة 41/1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة
1969 الذي أعطى للزوج الحق بتأديب زوجه ودعمت
المادة عرفا وشرعا وقانونا – ثم قالت الناشطة
-- فمنذ عام 2010 ونحن نطالب مجلس النواب العراقي بتعديل المادة-- ولكن ليس من مجيب -- على أساس ان
ما طرح مخالف للشريعة الإسلامية – ولشرع الله
ما لا يقبل الشك ان
المادة اكتسبت شرعية التأديب من مفهوم الاية القرآنية التي تقول -- الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ
لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً
كَبِيراً{34}
نخوض قليلا بمفاهيم
الآيات كي تتضح لدينا الصورة أكثر --نصيب الفرد من الميراث والتركات تحدده درجة
القرابة – وعلى تلك الدرجة يتفاوت نصيب كل فرد مقسما بين الأبناء والأبوين والزوجة
–والإخوة والأخوات في حالة الكلالة – ونتيجة لتفاوت النصيب بين الورثة تمنى الذين تدنى نصيبهم لو كان مستواهم مع الذين
ارتفع نصيبهم -- رد الله عليهم – قائلا-- وَلاَ
تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ
نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ
وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{32}
في كل الأحول ان أصحاب
النصيب المتدني أو المرتفع لهم موالين أبناء وبنات وأقرباء ينفق الوارث عليهم مما ترك الوالدان والأقربون -- وهناك موالين أيضا لهم نصيب من الميراث – كعقيد
الأيمان –أي توعد شخص ما بنصيب من تركتك أو ميراثك بعد موتك -- أو توعد شخص ما بنصيب من ميراثك أبويك بعد
وفاة احدهما -- وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ
اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً{33}
مفهوم الرجال قوامون على
النساء لم يشرًّع للتسلط ألذكوري –إنما لتوضيح
طبيعة تفاوت الإنفاق المالي بين الرجال والنساء – لإقناع المعارضات على قانون
الميراث والتركات -- بان الرجل يتحمل المسؤولية المالية الكبرى في المجتمع -- فالرجل أكثر أنفاقا على الأسرة من المرأة— وطبعا
هذا يعتمد على حسب ألإمكانية المادية لكل رجل – أحب ان أنبه الى نقطه مهمة هي --ان المعارضات لقانون
الميراث والتركات لم يعترضن على قول الله للذكر مثل حض الأنثيين – لان ذلك يخص
نصيب الأبناء – فالاعتراض كان على نصيب الزوجات فقط –
الرجال قوامون بالإنفاق على النساء وعلى الأسر
بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم -- الرِّجَالُ قَوَّامُونَ
عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ
مِنْ أَمْوَالِهِمْ – فالنساء الصالحات – تجدهن قانتات أي صابرات – وحافظات للغيب
أي يحفظن ما يغيب عن أعين الناس من أسرار بيوتهن فلا يظهرن حالات التدني المعيشي
لأحد – ويحافظن على سير حياتهن وحياة أسرهن بما حفظ الله -- فَالصَّالِحَاتُ
قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ – أما النساء اللواتي ليس
بصالحات ولا بقانتات ولا بحافظات لإسرار حياتهن ويطلبن من أزواجهن التعويض المالي كأقرانهن
من الأقرباء أو ممن حولهن من النساء ولا يقبلن بالعيش المتواضع متجاهلات دخل أزواجهن المتدني – أخذن يهددن بالنشوز والخروج
عن الطاعة – فالنشوز هو إعلان الزوجة بشكل صريح في رغبتها التخلي عن زوجها ان لم
يستجيب لمطالبها المالية -- فوضع القران ثلاثة حلول منها -- الموعظة – والهجر -- والضرب
-- وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً
ظهر النشوز الأسري في المجتمع الإسلامي بعد تدني
نصيب الزوجة الى الربع والثمن بعد ان كان أكثر من النصف في الجاهلية– فالنشوز هو تهديد الزوجة لزوجها بالتخلي
عنه إذا لم يفرض لها نصيبا من المال تعويضا عن نصيبها المتدني من الميراث – فبعض
الأزواج ليس لديهم إمكانية ماديه على التعويض
-- والبعض الأخر قام بالتعويض فعلا – فانقسم النساء الى ثلاث أقسام – قسم قبل بما
حكم الله الصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ – وقسم أخر اكتفى بالتمني - وَلاَ
تَتَمَنَّوْاْ - وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ – والقسم الأخير هدد
بالنشوز-- وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ
مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا
اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن
فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{32} وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا
مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ
أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيداً{33} الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ
حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً
كَبِيراً{34}
فان لم تأتي الموعظة
والهجر والضرب بنتائج ايجابيه وقد تصل
الأمور الى الشقاق أو الانفصال -- يتم طرح القضية على المجتمع لحلها عن طريق حكماء
يمثلون طرفي النزاع يتبنون مهمة الإصلاح بين الزوجين
وَإِنْ خِفْتُمْ
شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ
أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ
كَانَ عَلِيماً خَبِيراً{35}
الشريعة وضعت للزوج الغير
مقتدر ماديا -- حل الضرب كخيار أخير بعد الهجر والموعظة –بالنسبة للزوجة المعترضة على نصيبها من الميراث والتركات
والتي ترغب بالاستيلاء على اكبر كميه من المال بغية الإضرار المادي في نصيب بقية الورثة
فإذا كان الزوج لا يرغب
بالحول الشرعية فعليه ان يعرض القضية على الري العام يتبناها الحكماء من طرفي
النزاع وقد تحل المشكلة ببعض الهبات المالية ألمقدمه للزوجة مقابل العدول عن
النشوز-- إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً
يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً{35}
فالمادة 41/1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة
1969 التي أعطت للزوج الحق بتأديب زوجته -- شرع وفق مفهوم خاطئ للآيات أعلاه –
فالمادة أقرت التأديب كعقوبة مطلقه وشامله لكل الحالات – بينما الشريعة أقرت الضرب
من بين حلول أخرى كعقوبة اختياريه للرجل ويمكنه اللجوء الى خيارات أخرى كالري
العام
المحامية: منال داود
العكيدي
نصت المادة 41/1 من
قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بقولها " لاجريمة اذا وقع الفعل
استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق : 1- تأديب الزوج زوجته
...في حدود ماهو مقرر شرعا او قانونا او عرفاً ...." .
أي أن افعال الضرب
والعنف التي يمارسها الزوج تجاه زوجته واستناداً للمادة المذكورة تعد من قبيل
استعمال الحق والذي يعد بدوره سببا من أسباب الإباحة ، والتي بمقتضاها لا يمكن
مساءلة الزوج جزائياً ولا مدنيا عما يوقعه من إعتداء على زوجته مادام قد استخدم
حقه المنصوص عليه قانونا بموجب المادة السابقة الذكر.
ان نص هذه المادة والتي
اشارت الى استخدام العنف بكل انواعه والضرب واشترطت على ان يكون في حدود المقرر
عرفا ً وشرعاً وقانوناً ،وهذا يعني انه اذا
اطلقنا حدود السماح العرفي " طبقا للمادة القانونية " سنجد ان
هناك اعرافاً تعد ضرب المرأة بالسياط والخشب والحديد وتقييدها بالحبال فضلاً عن
قسوة استخدام اليد والالفاظ البذيئة من ضمن حدود ما يسمى بالتأديب وحقوق الزوج ،
ولا اريد ان اذكر الاضطهاد الجسدي والجنسي وغيره، هل ان حدود العرف أنى اختلفت
ازمنة المجتمع وتنوعت علاقاته الاجتماعية والاسرية يسبغ عليه القانون ذلك ويعده
استعمالاً لحق طبقا للعرف، نعم ان العرف مصدر من مصادر القانون لكن العرف الذي
يمنح الاستقرار والمصداقية في رسم حدود مدنية ومادية وطريقة تعامل اما ان يستقر
العرف على ان تكون للزوج سطوته وتبيح ضربه للزوجه وجرحه لمشاعرها الانسانية فذلك
غير منطقي وغير مقبول ولا يعد مصدرا ً من مصادر القانون، إن ما اشارت اليه المادة
اعلاه إنما هو مسايره لمنظومة الفهم
الذكوري وتكريس للفهم القبلي والعشائري الذي ينظر الى المرأة نظرة دونية …
كما ان مفردة (التأديب)
بحد ذاتها قاسية جداً على كيان انساني يرتبط مع الآخر بعقد مقدس اعترف الآخر به
على انه شريك في حياة مشتركة وهو اهلاً ليكون وعاء لامتداده البشري فهي تحمل في
طياتها منطق الرؤية العشائرية والقبلية المتخلفة ونظرة الدين الراكد في حدود نصوصه
التي يقلبها من دون ان ينظر الى رحاب افق النص الديني، ثم ان القانون ومن باب
التأكيد لفكرته عد المرأة قاصراً شأنها في ذلك شأن الاطفال القصر والتلاميذ الذين
يتلقون التربية في مقتبل حياتهم ومع ذلك
فان الاخيرة فطنت وعدت الضرب والتعنيف التربوي غير جائز ويعرض مرتكبه الى العقوبة
الادارية...
ان نص هذه المادة وفي
فقرتها (1)هو مخالفة واضحة لنص الدستور الدائم في المادة (14) فما هي افضلية الرجل
وهي تنص على ان لاتمييز بين العراقيين
بسبب الدين او الطائفة او الجنس، فحين يقول الدستور بان لا تمييز بسبب
الجنس فانه يعطي المساواة بين الرجل والمراة كأفراد متساوين يكونون نسيج المجتمع ،
والعراق كبلد يسعى لبناء مجتمع مدني قادر على ايجاد منظومته القانونية التي هي
الاساس المهم في رسم حدود الحقوق والواجبات ،فعلى القوانين أن تشكل طابوراً خلف
الدستور واي قانون ينحرف عن محتوى وهدف الدستور سيكون مصيره (اللادستورية) أي عدم
الالزام والاحترام والخضوع لاحكامه ولم ينس الدستور الاسرة وعدها في المادة (29)
أساس المجتمع وعلى الدولة المحافظة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية
ولعل الاهم جداً ما تضمنته الفقرة رابعاً التي نصت على (تمنع كل اشكال العنف
والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع) وهو
مخالف ايضا بشكل صريح وواضح الى قانون
الاحوال الشخصية وفي المادة (3)التي عدت الزواج عقداً ومن غير المنطقي ان تكون
المرأة طبقا للعقد منحت الطرف الآخر حق تأديبها لانها بحاجة احياناً للتاديب.
http://altaakhipress.com/viewart.php?art=74819
تعليقات
إرسال تعليق